Hits: 1230

متى يعجزُ العقلُ عن مساعَدَتِنا في الإيمانْ  - بقلم ليث مقادسي

اللهُ خلقَ العقلَ الإنسانِيْ ليُساعِدَنا على الفَهمِ والتَّحليلْ، فهُوَ ينمو بِالمعرفَةِ كَنُمُوِّ الْجَسَدِ مِن خلالِ الطّعامِ ونُمُوِّ الروحِ مِن خِلالِ كلمَةِ الإنجيلِ المُقَدّسْ؛ لذلكَ، فالإنسانُ الذي يطالعُ كثيرًا يُصبِحُ مُتَحَدِّثًا وكاتِبًا نَشِطًا. والعقلُ كلمةٌ شاملةٌ ذاتَ مفهومٍ أوسَعَ مِنَ الدَّماغِ الموجودِ في الرأسْ، إلا أنّهُ تجاوزاً يمكنُ القولُ بأنَّ ثَمَّةَ صِلَةً وثيقةً بينَ العقلِ والدَّماغْ، من حيثُ احْتِواءِ الدّماغِ على المراكِزِ التي تتحكمُ في العملياتِ الذِّهنِيَّةِ والانفعاليةِ والحِسّيةِ في الإنسانْ؛ ومن ثَمَّ يمكنُ اختزالُ حَديثِنا عنِ العقلِ البشريْ بشكلٍ عامْ إلى حديثٍ عن الدَّماغِ في جانِبِهِ التّشريحي والوظيفيْ.

ويعتقِدُ الكثيرُ منَ العلماء، أنَّ للعقلِ البشري وظائفَ غيرَ موجودَةٍ في الحَيَوانْ؛ إذ يقومُ بترتيبِ المعلوماتِ وربطِ بعضِها ببعضٍ، لِيُكَوّنَ مِنها أفكاراً؛ كما أنه يُعَدُّ مكانَ الابتكارِ والإبداعِ والأحلامْ؛ فهو يُمكّنُ الإنسانَ مِنَ التمييزِ بينَ الخطأِ والصوابْ، وبينَ ما هو مَنطِقِيٌّ وما هو غيرُ مَنطِقِيْ، كما أنّهُ مَخزَنٌ للمعلوماتِ والذاكِرَة، وهوَ المسؤولُ عن سُلوكِ الإنسانِ ورَدِّ فِعلِهِ في السّرّاءِ والضّرّاءْ.

مثلَ الكومبيوتر، فإنَّ العقلَ البشرِيَّ يحتاجُ إلى معلوماتٍ مُثَبَّتَة قد تمَّ إدخالُها لَهُ فيقومُ بِتَرتيبِها وربطِها عندَ الحاجَة، أمّا إذا طلبنا مِنَ الكومبيوتر إجراءَ عمليّةٍ لا يوجد لها أساسٌ في ذاكرتِه فإنّه سيعجَزُ عن تقديم حَلْ.

جميعُنا نُدرِكُ أنَّ الإنسانَ يولَدُ ويترعرَعُ على الأرضْ، فعندما يأتي شخصٌ ما ويدَّعي أنّه نزلَ مِنَ السّماءِ حينَها سينتَفِضُ العقلُ مُعتَرِضًا بل ويرفضُ ذلكَ الادِّعاءْ. هذا ما حصلَ حينَما صرَّحَ الرَّبِّ يَسُوعَ وقالَ: "أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ". فانتفَضَ المُستمعونَ مُتَذَمِّرينَ بالقولِ "أَلَيْسَ هَذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟"

هنا عقلُ هؤلاءِ الناسِ كانَ يفكِّرُ بالصّوابْ، فالمعلوماتُ المُدخَلَةُ إليهِ تقولُ بأنَّ هذا الشّخصَ نَجّارٌ ابنُ نَجّارٍ بينَما هُوَ يَدَّعي شيئًا آخَرَ، لذلكَ رَدُّ الفِعلِ الأولِ هو الرّفضُ؛ ليسَ هذا فَحَسْبُ، بلْ إنَّ الحَدَثَ بِرُمَّتِهِ لم يَحْدُثْ مِن قَبْلُ، فَلَم يَشهَدِ التّاريخُ نزولَ شَخصٍ منَ السّماءْ، ولِكَونِ إيمانِ هؤلاءِ الأشخاصِ ضَعيفًا فإنَّ عقولَهُم كانت عَثْرةً إضافِيَّةً لهُم.

ثمّ يعودُ الرَّبِّ يَسُوعَ فيقولُ لهم: "مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ" تَخَيَّلْ أنّكَ تسمَعُ شَخصًا يتكلمُ بأُمورٍ فيها مُخالَفَةٌ للنّاموسِ لأنّ الناموسَ يَمنَعُ شرب الدَّمِ بِشكلٍ قاطِعْ، لذلك فإنَّ العقلَ قَد تَدَرَّبَ على سَماعِ مَنعِ شرب الدَّمِ. مِن هنا رَدَّ الحاضِرونَ "إِنَّ هَذَا الْكلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟" وبالحقيقَةِ مَعَهُم كلُّ الحقْ، لأنَّ النّاموسَ قَدِ انْغَرَسَ في نُفوسِهِم وباتَ الموضوعُ مُفرَغًا مِنهُ، لِذلكَ قيلَ عنِ الرَّبِّ يَسُوعَ بِأنّهُ سيكونُ حَجَرَ صَدمَةٍ وصَخرَةَ عَثرَةٍ للكثيرينْ.

فعادَ الرَّبِّ يَسُوعَ وَصَدَمَهُم بِحَجَرٍ جَديدٍ حينَ قالَ: "أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ". فقالَ لَهُ اليهودُ: "لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟" 58قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: "ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ". لذلك نلاحظُ هنا فَشَلًا جديدًا للعَقلِ في مُساعَدَتِهم على الإيمانْ.

كونُ الإيمانِ لا يتعامَلُ مع الواقِعِ بَل يَصنَعُ المستقبلَ، فإنَّهُ سيكونُ مخالِفًا للواقِعِ كَحالَةِ إبراهيمَ الذي كَلَّمَهُ اللهُ بأنَّ زوجَتَهُ سَتَلِدُ لَهُ ابْنًا وهيَ عاقِرٌ وقد شاخَت. في حياتِنا الدُّنيَوِيَّةِ لا نَقتَني شيئًا إلا حينَما نُشاهِدُه وَنُكَوِّنُ فكرَةً عنهُ، بينما في الأمورِ الرّوحيَّةِ فإنّنَا نَقتَني بالإيمانِ ومِن ثَمَّ نَنظُرُ النتائِجَ. حتّى اليومِ لا يَزالُ الكثيرونَ يُشَكِّكونَ في قِصَصِ الكتابِ المُقَدَّسِ كَشَقِّ البَحرِ أو إنزالِ المَنِّ مِنَ السَّماءِ وَيَعتَبرونَها أساطيرَ خَيالِيَّةً لانَّها لا تتماشى مع العَقلِ البَشَرِي، بينما غايَةُ اللهِ من سَردِ هذِهِ القِصَصِ هو تَحفيزُنا على اختبارِ قُوّاتٍ مُشابِهَةٍ في حياتِنا الشّخصِيَّة فنخرُجُ مِن مَرحَلَةِ الإيمانِ إلى الحُصولِ على ما آمَنَّا بِهِ.

الإنسانُ المؤمنُ - في كثيرٍ مِنَ الأحيانِ - يَظهَرُ مُختَلًّا عقلِيًّا لأنّهُ يؤمِنُ بأُمورٍ مُخالِفَةٍ تمامًا للواقِعِ كَنوحَ الذي كانَ يَبني فُلكًا على الأرضْ؛ فالّذي كان يَمُرُّ بِقُربِهِ كانَ بالتّأكيدِ يَهزَأُ مِنهُ ويَضحَكُ ويُفَكِّرُ بأنَّ نوحَ قَد فقَدَ عقلَهُ، بَلْ إنَّ سارةَ نَفسَها ضَحِكَت حينَما بَشَّرَها المَلاكُ بأنَّها ستحبَلُ، كونُ جسدِها وصلَ مرحَلَةَ العجزِ التّامِّ عنِ الإنجاب.

ولكنْ حينما طَلبَ اللهُ من إبراهيمَ أن يُقَدّمَ ابنَهُ ذبيحةً نجدُ أنَّ العقلَ ساعَدَه في الإيمانِ لأنه جلسَ وفكّرَ بأنّ اللهَ قادرٌ على إقامةِ الأمواتِ وبالتالي سيقيمُ ابْنَهُ لاحقًا، فكان الموضوعُ يسهَلُ تصديقُهُ. لذلك، العقلُ مُهِمٌّ جدًّا في حياتِنا الروحيَّةِ وكُلّما تَمَعَّنَّا في الكتابِ المقدسِ كلّما نَمَى عقلُنا وزادَ من خَزينِنَا الروحِي فنستفيدَ منهُ وقتَ الحاجَة.. نقرأُ عن إيليّا النبِي بأنّه فعلَ أشياءَ لم يفعلْها أنبياءٌ قبلَه كثِقَتِهِ العاليةِ بنَفسِهِ حينَما قالَ "حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ، إِنَّهُ لاَ يَكُونُ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ فِي هَذِهِ السِّنِينَ إِلاَّ عِنْدَ قَوْلِي" ١ملوك ١٧: ١. من أين لكَ هذِهِ الثّقَةُ يا إيليا؟ مِنْ تَشَبُّعِ عقلِهِ بأنّ اللهَ قادِرٌ على صُنعِ كلِّ شيءٍ من خِلالِ عبيدِهِ الأنبياءِ فنلاحِظُ أنَّ عقلَهُ ساعَدَهُ على الإيمانِ والعملِ

ولكنْ ما هي أسبابُ العَجزِ؟

  1. ضَعفُ الذاكرةِ والتَّسَرُّعُ - نقرأُ عن زَكَرِيّا أنه شَكَّكَ في قولِ جَبرائيلَ الملاكِ لَهُ بأنّ زوجَتَهُ ستَحبَلُ وهي عاقِرٌ وسبَبُ التَّشكيكِ في اعْتقادِي هو ضَعفُ الذّاكرَة، لأنّ مركزَهُ الروحِيَّ هَيّأَ لَهُ فُرصَةَ التَّعَرّفِ على تَعامُلاتِ اللهِ السّابقَةِ مع مِثلِ حالَتِهِ وبالتحديدِ إبراهيمَ وسارَةَ، صحيحٌ أنّ الموقفَ مفاجِئٌ ولم يَستَطِعْ عقلُهُ التّعامُلَ مَعَهُ بسُرعَة، ولكنَّه لو أخَذَ بعضَ الوقتِ وتأمّلَ بأحداثِ الكتابِ المقدسْ فإنّه كانَ سيتذكّر قصّةَ إبراهيمَ بسرعةٍ كونُها في بدايَةِ الكتابِ المقدّسْ. كذلك هو الحالُ معنا، فحينَ يفاجِئُنا صاحبُ العملِ المِثالي بترقِيَةٍ وَظيفيَة كُنّا نحلُمُ بها في السابِقِ، فإنّ أولَ رَدَّةِ فعلٍ هو التّشكيكُ بالخَبَر، بينما صاحِبُ الذّاكِرَةِ الْجَيّدَة سَيَجلِسُ ويتذكّرُ تعاملاتِ صاحِبِ العَمَلِ السّابقَةِ معه وزملاءَه ليتقبّلَ الخبَرَ بفرَحٍ واطمئنانْ.

  2. تدهورُ الحالةِ النَفسِيّةِ مِن جَرّاءِ تراكُمِ المشاكِل - نقرأُ في سِفرِ العَدَدْ، الإصحاحِ العشرينْ، عن سُقوطِ موسى بِما دعاها الربُّ "خيانَةً" كونُ الموقفِ كانَ صعبًا على أيِّ إنسانٍ، فاختُهُ مريمُ كانت قد ماتَتْ ونفسَهُ بعدُ حزينَةً خاصَمَهُ الشّعبُ لعدَمِ وُجودِ ماءٍ للشّربْ، ففرَّطَ موسى وضَرَبَ الصّخرةَ بعصاهُ بينما اللهُ كانَ قد قال لَهُ أن يُكلِّمَهَا فقط وهي تُخرِجُ الماءَ.

  3. القلقُ نتيجةَ عدمِ قُدرتي على الحّلْ - خلالَ أحداثِ صَلبِ الرَّبِّ يَسُوعَ نقرأُ عن بُطرُسَ أنّهُ أنكرَ الربَّ ثلاثَ مراتٍ، ولكنْ لماذا تمّ اخْتيارُ هذا القرارْ، الجوابُ هو القلقُ الشّديدُ وعدَمُ القدرَةِ على الحّلْ. في مرّةٍ من المراتِ طلبَ مِنّي مديري في العملِ أنْ أكذِبَ لِدَعمِ كَذِبِهِ على اِحدَى الشركاتِ بِخُصوصِ فترَةِ عَمَلي معَهُ؛ الموقفُ كان مُحرِجًا بالنسبةِ لي، فإنّي أرفُضُ تمامًا الكَذِبَ وبِنَفسِ الوقتِ لا أرغَبُ بإحراجِ مُديري؛ فما كان مِنّي إلّا الصلاةُ وطلبُ تدخُّلِ الله.. فتدخّلَ الربُّ بشَكلٍ مُعجِزِيٍّ وهو مَنعُ تلكَ الشّركَةِ مِنَ الاتّصال بي على الرّغمِ من حاجتِهِمِ الماسَّةِ لي كَي أُنجِزَ لهُم مُهِمَّةً هندَسِيَّة. لذلك علينا بطلَبِ العونِ من أبينا السّماوِيُّ حينما تكونُ الأجواءُ مُلَبَّدَةً بالقلق وعَدَمِ القُدرَةِ على إيجادِ مَخرَجٍ. الجميلُ هو تعامُلُ الربِّ السريعُ مع هكذا مواقِفٍ.

  4. سوءُ واقِعِ الحالْ - نقرأُ عن حَبَقّوقَ أنّهُ كانَ يائِسًا من واقِعِ الحالِ وهو يَنظُرُ تَعَظُّمَ أعدائِهِ وقُوَّتَهُم، كذلك الحالُ معَ جِدعونَ وداوُدَ وغيرِهِم مِنَ الذينَ كانوا يعيشونَ في ضِيقٍ وألَمٍ وحَسرَةٍ وهُم يُصَلّونَ والربُّ يَتَأنَّى، فعقلُ بَعضِهِم باتَ يميلُ للتّشكيكِ بأعمالِ الربِّ السّابِقَةِ كَجِدعونَ، كذلكَ الكثيرونَ في هذا اليومِ الذينَ يُشكّكونَ بالعَهدِ القديمِ لأسبابٍ مُتَعَدِّدَةٍ أهَمُّها أنهُمْ يشاهِدونَ العالَمَ في تَدَهوُرٍ واللهُ لا يَصنَعُ لهُم مُعجِزَةً كالّتي صَنَعها في العهدِ القديمْ.

لذلك تعاملُ حَبَقّوقَ كانَ مِثالِيًّا إذْ هُوَ طلَبَ صوتَ الربِّ القادِرِ على تَعزِيَتِنا وإرشادِنا للمرحلَةِ اللّاحقَة.

  1. الخوفُ مِنْ قُوةِ العدُوْ - حينَما أرسلَ موسَى بأمرٍ منَ الربِّ اثْنَيْ عَشَرَ جاسوسًا ليتجَسّسوا أرضَ الموعِدِ كانَ احَدَ اخْتِباراتِ البَريّةِ وهو مُشاهَدَةُ شيءٍ والإيمانُ بِخِلافِهِ، فَنجحَ اثْنانِ فقطْ والعَشرَةُ المتبقّونَ قالوا "لانَقْدِرْ أَنْ نَصْعَدَ إِلى الشَّعْبِ لأَنَّهُمْ أَشَدُّ مِنَّا" عدد ١٣: ٣١، فنلاحظُ العقلَ يَعجَزُ مرّةً أخرَى عن مُساعَدَةِ الأغلبِيّةِ كونُهُ رَكَّزَ على قوّةِ العَدُوِّ ولمْ يَتَذَكَّرْ قوةَ اللهِ التي أخرَجَتْهُ مِن أرضِ مِصرَ. هل تمرُّ بِنَفسِ الموقِفِ في البلَدِ الذي تسكُنُهُ حيثُ التغييرُ باتَ مُستحيلاً وأنّ الشّرَّ هو المُتَسلِّطُ؟ لا تَنظُرْ لِحَجْمِ المُشكِلَةِ بَل ركِّزْ على الإلَهِ الذي لا يقِفُ أمامَهُ شيءٌ.

  2. طولُ مُدّةِ التّجرِبَة - نقرأ عَنِ الشّعبِ العِبرانِيِّ أنّهُم وَصَلوا لِحالٍ مِنَ العُبودِيّةِ نتيجَةَ عَيشِهِمْ في مِصرَ لمُدّةِ أربَعَمِئَةِ سنَةٍ فحينَ كَلّمَهُمُ اللهُ بأنّهُ سيخرِجُهُمْ مِن مِصرَ لم يُصَدِّقوا...لنستمع للنص "لِذَلِكَ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنَا الرَّبُّ. وَأَنَا أُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ الْمِصْرِيِّينَ وَأُنْقِذُكُمْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِمْ وَأُخَلِّصُكُمْ بِذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ وَبِأَحْكَامٍ عَظِيمَةٍ وَأَتَّخِذُكُمْ لِي شَعْباً وَأَكُونُ لَكُمْ إِلَهاً. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمُ الَّذِي يُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ الْمِصْرِيِّينَ. وَأُدْخِلُكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي أَنْ أُعْطِيَهَا لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَأُعْطِيَكُمْ إِيَّاهَا مِيرَاثاً. أَنَا الرَّبُّ». فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ هَكَذَا وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى مِنْ صِغَرِ النَّفْسِ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ" خروج ٦: ٦-٩

كذلِكَ في حياتِنا، نمُرُّ بأوقاتٍ يصعُبُ احْتِمالُها والوقتُ طالَ كثيرًا، فهل نفعَلُ مِثلَ الشّعوبِ القَديمَةِ حينَما صَرخَوا إلى اللهِ بشكلٍ جَماعِيٍّ مِن خلالِ الصّوم والصَّلاةْ؟ حينَها نالوا الخلاصَ مِن مُضايِقيهِم

  1. الحالُ ميئوسٌ مِنهُ - نقرأ عن مريَمَ اختِ مَرثا أنّها لم تخرُجْ للقاءِ الربِّ يسوعَ حينَما جاءَ ليُقيمَ أخيها لِعازَرَ منَ القبرِ كونُ اليأسِ قَد سيطرَ عليها بأنَّ أخاها قد ماتَ وها هو في القبرِ لأربَعَةِ أيامٍ ولم يَسمَعوا مِن قبلُ أنَّ اللهَ أقامَ إنسانًا قد أنتَنْ. هذا اليأسُ رافَقَهُ غضبٌ على الربِّ كونُهُم أرسلوا لهُ بِأنْ يأتِيَ لِيَشفيهِ ولكنَّهُ جاءَ مُتأخِّرًا، هذا من وًجهَةِ نَظَرِهِم، أمّا الذي كان يَجولُ في فِكرِ الربِّ هو إعطاؤُهُم فَرَحًا عظيمًا. الشِّفاءُ كانَ مُمكِنًا أنْ يجلِبَ لهُمْ فَرَحًا ولكنَّ إقامَتَهُ من الأمواتِ بعدَ أربَعَةِ أيّامٍ جلبَ لهُم فَرَحًا جعلَ مريمَ تأخذُ مَنًّا مِنٍ طيبِ ناردينَ خالِصٍ كثيرِ الثّمَنِ، وَتَدهَنُ قَدَمَي يسوعَ، وتمسَحُ قَدَميهِ بِشَعرِها. فَلا تيأسْ عزيزي المُستمِعَ، اسْتَمِرْ بِإكرامِ الربِّ والثّقَةِ بمواعيدِهِ فيفاجِئَكَ بِبَركاتِهِ الغزيرَة.

لذلك، لَهجُكَ في كلِمَةِ الإنجيلِ المُقَدَّسِ بِشكلٍ يَومِيٍّ يُساعِدُكَ على فَهمِ طريقة تفكيرِ الربِّ ومِن ثُمَّ التَعاملِ مع المواقِفِ الصّعبَةِ بثقَةٍ واطْمِئنانْ.

السلوكُ المناسبُ أثناءَ العجزْ

  1. الاِنْقِيادُ بِروحِ الربِّ ورِعايَةُ الأمانَةِ مَهما كانَتْ بَسيطَةً - حينَما يعجَزُ عقلُنا عن إدراكِ الذي يَحصَلُ مَعَنا فمِنَ المُهِمِّ الإبقاءُ على مَتانَةِ العَلاقَةِ مَعَ الربِّ بِشكلٍ مُتواصِلٍ والعملِ بِما أوصانا بِهِ بِاجْتِهادٍ. حيثُ نقرأُ عن داوُدَ أنّهُ كانَ أمينًا للمَلِكِ شاؤولَ معَ العِلمِ أنَّ الربَّ قَد مسحَ داوُدَ ملِكًا عِوَضًا عنهُ لأنّهُ كانَ يُحِبُّ الربَّ وكافَّةَ رِجالِهِ.

  2. يقولُ الربُّ "أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً" - في أوقاتِ التّشويشِ يتدَخَّلُ إبليسُ ليَقودَنا لِلكَراهِيَةِ، إقصاءِ بعضِهِم أو ظُلمِ آخَرينْ، لِذلِكَ علينا تَذَكُّرَ قولِ الربِّ "أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً"، فنلاحِظُ شاؤولَ الطّرسوسِيَّ كانَ يَفتُكُ بِالمسيحِيّةِ بالقتلِ لأنّ عقلَهُ لَم يُساعِدْهُ على إدراكِ إيمانِهِم، ولكنَّ رَحمَةَ اللهِ تعامَلَتْ معَهُ فَأزالَتِ القُشورَ عَن بَصيرَتِهِ الرّوحِيَّةِ فسُمِّيَ بولُسَ الرسولَ.

  3. طَلَبُ الاِسْتِماعِ لِصوتِ الربِّ بِالصّومْ - الصّومُ وسيلَةٌ مهِمّةٌ لِطَردِ الأعداءِ الرّوحِيّينَ، تَذليلُ الْجَسَدِ وَمِن ثُمَّ إصعادُ صَوتِنا للعَلاءِ، حينَها سَيُجيبُنا الربُّ بكُلِّ وُضوحٍ ليُساعِدَنَا صَوتُهُ على تَقوِيَةِ إيمانِنا.

  4. التواضُعْ - نقرأ عنِ المَرأةِ الكنعانِيَّةِ أنّها كانت أُمَمِيَّةً وعقلُها قَد رَسَّخَ في داخِلِها أنّها مرفوضَةٌ بَل وَمَلعونَةٌ مِنْ قِبَلِ اليَهودْ، ولكنّها اسْتَخدَمَتِ التّواضُعَ للحُصولِ على بَرَكَةٍ لَمْ تَكُنْ لَها.

  5. الحَذَرُ وطلَبُ التّأكيداتِ قبلَ أيِّ تَحَرُّكٍ - في مرحَلَةِ العَجزِ يُتَطَلَّبُ الحَذَرُ قبلَ الْبَتِّ بِأيِّ خَطوَة. مِن هُنا علينا تَذَكُّرَ جِدعونَ الّذي كانَ قَدِ اقْتَنَعَ بِأنَّ اللهَ قَد تَرَكَهُم وفَجأَةً يَرَى مَلاكَ الربِّ فكانَ في صِراعٍ داخِلِيٍّ بينَ التّصديقِ والرّفضِ، فطلَبَ تَأكيدَ المَلاكِ قبل الإقدامِ على أيِّ خَطوَة.

  6. إعلانُ يَقينِيَّةِ تَحقُّقِ إرادَةِ اللهْ - يُخبِرُنا الكتابُ بأنَّ القلبَ يُؤمِنُ بِهِ والِّلسانُ يَعتَرِفُ بِهِ. بولُسُ الرّسولُ حَثَّ المُؤمِنينَ على الاجْتِهادِ لِلتّنَبُّؤِ أي إطلاقِ الّلسانِ لِكلامٍ يَخلُقُ المُستقبَلَ مَعَ العِلمِ أنَّ الواقِعَ يقولُ العَكسَ، مِن أينَ نَحصَلُ على تِلكَ اليَقينِيَّة؟ مِن خِلالِ الاجْتِهادِ في الاسْتِماعِ لِصوتِ الربِّ ومَعرِفَةِ مَشيئَتِهِ.

  7. النُّمُوُّ اليومِيٌّ بِالكلمَةِ لِضربِ العَدُوِّ وَتَقديسِ الذّاتِ فَنُصبِحَ أقربَ مِن المَرحَلَةِ القادِمَة: اللهُ حينَما دَعَا يشوعَ لعُبورِ الأُردُنِّ وَامْتِلاكِ أرضِ المَوعِدِ أعطاهُ أوّلَ وَصِيَّةٍ لَهُ هِيَ: "لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَاراً وَلَيْلاً، لِتَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ" يشوع ١: ٨. ولكِنْ هَلِ الخُطَطُ العَسكِرِيَّةُ التي اتَّبَعَها يشوعُ في امْتِلاكِ أرضِ المَوعِدِ كانت مَوجودَةً في سِفرِ الشّريعَة؟ الْجَوابُ كلّا، ولكِنَّها تَشرحُ له أهمِيَةَ الاتِّكالِ على الرّبِّ والاسْتِماعِ لِصَوتِهِ قبل الإقدامِ على أيِّ خَطوَة. لِذلكَ حينَما أغَذِّي روحِي وأُنَمّيها بشكلٍ مُتواصِلٍ فإنّها سَتقوى على إخفاقِ العقلِ وتَتَّخِذُ الإيمانَ بالكلِمَةِ كَمَسلَكٍ لمُعالَجَةِ ذلك الموقفِ.

  8. تَذَكُّرُ أعمالِ الربِّ السّابِقَة - تَذَكُّرُ أعمالِ الربِّ السّابِقَةِ هي وَصِيَّةٌ إلهِيَّة، حيثُ أوصَى الشَّعبَ العِبرانِيَّ بِتَذكيرِ أولادِهِم بِما صَنَعَهُ مَعَهُمْ في مِصرَ حيثُ قالَ: "أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ. الذُّكُورُ لِلرَّبِّ. وَلَكِنَّ كُلَّ بِكْرِ حِمَارٍ تَفْدِيهِ بِشَاةٍ. وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ فَتَكْسِرُ عُنُقَهُ. وَكُلُّ بِكْرِ إِنْسَانٍ مِنْ أَوْلاَدِكَ تَفْدِيهِ. وَيَكُونُ مَتَى سَأَلَكَ ابْنُكَ غَداً: مَا هَذَا؟ تَقُولُ لَهُ: بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ" خروج 12: 12-14

لذلك حينما عجَزَ عقلُ فيلِبُّسَ عن إدراكِ هُوِيَّةِ الربِّ يسوعَ قال له «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هَذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ؟ أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا».يوحنا 14: 9-11

 

مَنِ الذي يَفشَلُ

  1. هناكَ فئَةٌ تكونُ مُتَحَمِّسَةً للإيمانْ، ولكِنْ في فَترَةٍ منَ الفَتَراتِ تَجلِسُ وتُقوِّمُ مَسيرَتَها الرّوحِيَّةَ وتَدرُسُ تَعامُلاتِ الربِّ فَيأتيها إحساسٌ بأنَّ اللهَ غيرُ موجودٍ كديماسَ صديقِ بولُسَ وجميعِ اّلذين في أسِيّا الّذين توجّهُوا للعالَمِ، لماذا ارْتَدُّوا؟ كونُ هؤلاءِ الأشخاصِ قَد تَتلمَذُوا على يَدِ بولُسَ وتَشَبَّعُوا من كلامِهِ العَميقِ والفَلسَفِيِّ الّذي يتحدّثُ عن مَركَزِنا في المسيحِ وأنّنا مَبنِيِّينَ على أساسِ الرّسُل والأنبياءِ ولنا القُدرَةُ على هَدْمِ حُصونِ إبليسَ... ولَكِنَّ واقِعَ حالِ تلكَ الفَترَةِ يقولُ إنَّ بولُسَ في السّجنِ، فأينَ هو إلهُ بولُسَ الّذي يَتَحَدَّثُ عَنهُ؟ هم كانوا يُحَلِّلونَ الأُمورَ بِحَسَبِ الْجَسَدِ وَتَعليمِ بولُسَ كانَ يُحَلِّلُ بِحَسَبِ الرّوح، لِذلِكَ عَقلُهُم لَم يُسعِفْهُمْ فَارْتَدُّوا عنِ الإيمان.

  2. الكثيُر من الفَرّيسيّينَ فَشِلُوا بِالَّتعَرُّفِ على المَسِيَّا المُنتَظَرِ نَتيجَةَ كِبرِيائِهِم وَاعْتقادِهِم بِأنَّهُم يَفهَمونَ النّاموس، قليلٌ منهُم جَلَسَ وَحَلَّلَ بأنَّ الأعمالَ التي يَعملُها المسيحُ لا يُمكِنُ أن تَكونَ إلّا منَ الربِّ كَنيقوديموس، وَلَكِنَّ الغالِبِيَّةَ تَوَجّهُوا لِلتَّجديفِ على الرّوحِ القُدُسِ كَي يَجِدُوا مَخرَجًا لِفَشَلِهِم بالإيمان.

  3. الإحباطُ الشديدْ - هناك أشخاصٌ يَمُرّونَ بِظُروفٍ صعبَةٍ جدًّا في حياتِهِم كفُقدانِ شَخصٍ عَزيزٍ وهُم مُؤمِنونَ فَيُصيبُهُم إحباطٌ شديدٌ يقودُهُم لِتَركِ السّؤالِ مِن دونِ جوابٍ مِنَ الربِّ ويَختارونَ الابْتِعادَ عَنِ الربِّ أوِ الإلحادَ، ولكِنَّ الربَّ كَراعٍ صالحٍ لا يَترُكُ خِرافَهُ بَل يَستَمِرُّ بِافْتِقادِهِم.

  4. أعطانا الربُّ يسوعُ درسًا عظيمًا في تَجرِبَتِهِ على الْجَبَلِ معَ إبليسَ خُلاصَتُهُ أنْ لا نُصَدِّقَ الأخيرَ حتّى لَو كانَ في كَلامِهِ جُزءٌ مِنَ الحَقيقَة. يَقَعُ بَعضُهُم في فَخِّ الخُضوعِ الكامِلِ لِوَسوَسَةِ إبليسَ فَيتَبَنَّونَ أفكارَهُ لِيَقودَهُم ذلكَ الخُضوعُ إلى الضَّعفِ الرّوحِيِّ والانْفِصالِ اليَومِيِّ عَنِ الربِّ وَمِن ثُمَّ افْتِراسِهِمْ مِن قِبَلِ العَدُو.

  5. المُتَدَيِّنونْ- هناكَ أشخاصٌ لَهُم علاقَةٌ بالكَنيسَةِ وليسَ مَعَ اللهْ، أي يَعرِفونَ مَعلوماتٍ عنِ اللهِ وليسَ اللهَ شَخصِيًّا. هؤلاءِ يَفشَلون في التّجارِبِ الّتي يَصعُبُ للعَقلِ التَّعامُلَ مَعَها لأنَّ علاقَتَهُم مَعَ الربِّ مِنَ الأساسِ ضَعيفَةٌ وَهَشَّة.

كذلك فإنَّ بعضَ الناسِ يَتَّخِذونَ سُلوكِيَّاتٍ مُتَسَرِّعَةٍ -  كالبحثِ عن بدائِلَ - إبراهيمُ وسارَةُ كانا مُؤمِنَينِ بِوَعدِ الربِّ، وحيثُ أنّ ذلكَ الوعدَ بإعطاءِ نَسلٍ تأخَّرَ تحقيقُهُ مِن خِلالِ سارَةَ، فَبادَرَتْ بِإيجادِ بَديلٍ اعْتَقَدَتْ أنَّ الربَّ قَصَدَهُ لإتمامِ مَشيئَتِهِ، فكانَ سلوكًا مُتَسَرِّعًا عانَتْ مِنهُ سارَةُ وَدَفَعَتْ ثَمَنَهُ. هذا الموضوعُ يَحصَلُ معَ الكثيرينَ حينَما لا يطلُبونَ صوتَ الربِّ قبلَ الإقدامِ على أيِّ خَطوَة.

نقرأ عن توما أنَّهُ رفَضَ فِكرَةَ أنَّ المسيحَ قامَ مِنَ الأمواتِ لأنَّ عقلَهُ لَم يُسْعِفْهُ بِحَدَثٍ مُشابِهٍ حَصَلَ في الماضي، فأدركَ تَسَرُّعَهُ بِهَذا الرّفضِ حينَ ظَهَرَ الربُّ لَهُ وَوَبَّخَهُ بِمَحَبَّة.

ولكِنْ كيفَ يَتعامَلُ الربُّ معنا أثناءَ العَجزِ؟

الربُّ يتعامَلُ مَعَنا بِحَسَبِ تَوجُّهِ قُلوبِنا، فالقلبُ المُتَّجِهُ نَحوَهُ يُجيبُهُ على كافَّةِ تَساؤلاتِهِ كالذي حصلَ مع توما وأيوبَ وكثيرينَ، كما أنّه يَبقى يعمَلُ مِن خِلالِنا كي نَتَدَرَّبَ أكثرَ للمَرحَلِةِ القادِمَةِ وَيُنَجِّحَنَا إنْ أبقَيْنا الحَدَّ الأدنَى مِنَ الثّباتْ، أمّا الذي قَلبُهُ مُتَّجِهٌ نحوَ العالَمِ فذاكَ يعودُ لِيُكَلِّمَهُ بِأَمثالٍ لأنَّهُم مُبصِرون لا يُبصِرونَ وسامعونَ لا يَسمعونَ ولا يفهمون.

 المُقَرَّبونَ يُشاهِدونَ نوعًا مِنَ التّخَبُّطِ في سُلوكِيّاتِنا أثناءَ مُرورِنا بِتَجرِبَةٍ صَعبَة، يبدأُ بعضُهُم بالتَّشكيكِ بِإيمانِنا وَبِصَوتِ الربِّ في حَياتِنا وبعضُهُم بِالتَّشجيعِ والدَّعمِ الرّوحِي، أيوبُ اخْتَبَرَ النّوعَ الأوّلَ مع زوجَتِهِ وأصدِقائِهِ وداوُدُ اخْتَبَرَ النّوعَ الثانِيَ مَعَ يوناثانَ.

في الامتحاناتِ الْجَامِعِيّةِ يَأتي نَمَطُ الأسئِلَةِ بِشَكلٍ مُتَسَلسِلٍ بِحَيثُ أحيانًا تَأتي أسئِلَةٌ للمُمَيَّزين بَينما الآخَرونَ يَشعرون أنّها تَفوقُ عَقلَهُم، المحاولَةُ لِحَلِّ السّؤال المُستحيلِ يَكونُ مُقَدَّرًا مِن قِبَلِ الأستاذِ لأنَّنا نستَجمِعُ كُلَّ طاقاتِنا لِتَذَكُّرِ أَمثِلَةٍ مُشابِهَةٍ، حتى لو حاوَلنا في حَلِّ ذلكَ السؤالِ الصّعبِ فإنَّ الأستاذَ سيُعطينا بَعضَ الدّرَجاتِ لأنّه وَجَدَنا نُحاوِلُ وَلَم نَيأسْ، لذلك مُحاولَةُ تَذَكُّرِ أعمالِ الربِّ السّابِقَةِ في حياتِنا سَيَجعَلُنا نُظهِرُ بعضَ الإيمانِ والربُّ يَنظُرُ وَيَتَشَدَّدُ مَعَ الذينَ قُلوبُهُم ثابِتَةٌ نَحوَهُ.

فَلْنُثَبِّتْ أنظارَنا وقلوبَنا على الربِّ وَنَطَلُبِ الاسْتِماعِ لِصَوتِهِ في كلِّ حينٍ فَيُعينُنُا في الأوقاتِ الصّعبَةِ فَتُحسَبُ لنا بِرًّا.

ودمتم في مشيئة الرب

 

 

هل لديك استفسار؟ اكتب لنا رايك على من خلال This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.">This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it. 

 

لتحميل نسخة من هذا المقال, يرجى الضغظ هنا