مار اسحق السرياني

 

من بلاد الشرق وكان له اخ جسدانى ترهب هو واياه فى دير القديس مار متى المجمع الكبير ، اُختير أخوه لرياسة الدير وتدبير الرهبان وأما القديس مار اسحق انفرد فى قلاية بعيدة عن الدير ولزم الصمت والوحدة . وبعدما اشتهر علمه وقداسته اُختير أسقفاً لنينوى وفى أول يوم من جلوسه حضر اليه اثنين يتحاكما فأدعى أحدهما على الآخر أن له عنده مال ويريد أن يوفيه ، فقر الآخر بذلك وسأله أن يمهله قليل ليكتسب ويوفيه فأبا ذاك الشقى الغنى وقال : أريد أن يُعطينى مالى وإلا أسلمته إلى الحاكم فأجاب القديس مار اسحق :"إن الأنجيل المقدس يأمر أن الذى يأخذ شيئا لا تطلبه فلا أقل أن تصبر عليه فأجاب ذاك الشقى وقال: دع عنك كلام الأنجيل وعندما نظر القديس أن تدبير الأسقفية يفسد عليه عمل الوحدة ، ترك الأسقفية ورفض كل شئ وهرب إلى برية الإسقيط المقدسة فى مصر وكمل جميع أيام حياته فيها وكان مُعلم ومرشد لجميع طائفة الرهبان .

 

من اقواله

 

حينما تمتلئ النفس من ثمار الروح تتعري تماماً من الكآبة والضيق والضجر وتلبس الأتساع والسلام والفرح بالله وتفتح في قلبها باب الحب لسائر الناس .

لا تدع لسانك يفتخر بأعمالك لئلا تخزى ، لأن كل ما يفتخر به الإنسان يسمح له الله بالسقوط حتى يتعلم التواضع .

 

المتواضع لا يبغضه ولا يوبخه ولا يحتقره أحد ، لأن سيده يحبه . يحب الجميع والجميع يحبونه ويشتهونه فى كل مكان ، وحيثما وجُد ينظرون إليه كملاك نورانى ويقدمون له الإكرام .

المحبة التى تبتغى شيئاً من الأشياء تشبه فانوساً صغيراً مشتعلاً يحافظ على نوره ما دام يُمد بالزيت ، أما المحبة التى غايتها الله (ينبوع المحبة وحده ) فإنها تشبه نهراً متدفقاً لا يتوقف جريانه ولا تشح مياهه أبداً.

استر الخاطئ إذا لم يسبب لك ضرراً ، لأنك بهذه الطريقة تجعله يتشجع على التوبة أما أنت فترفعك رحمة سيدك .

احسب نفسك بحاجة الى التعليم فى كل شئ فتعتبر حكيماً كل حياتك لا تعلم أحداً شيئاً لم تتعلمه بعد لئلا تخزى عندما ينكشف نفاقك بسلوكك أما إذا كلمت أحداً بشئ مفيد فكلمه كتلميذ لا كمعلم ذى مرجع وجرأة ثم استدرك بإنك أدنى منه وذلك لكى تظهر للسامعين مثالاً فى التواضع وتحثهم على سماع أقوالك فيبدأون بالعمل وتكون مكرماً فى عيونهم وإذا كان بإمكانك فليتك تتكلم بدموع .

أحبب الخطاة وأبغض أعمالهم ، ولا تحتقرهم بسبب نقائصهم حتى لا تجرب بما هم مجربون به .

هذا هو الرؤوف بالحقيقة ، ليس الذى يحسن إلى أخيه بالعطاء المادى فقط بل من يحترق قلبه على أخيه إذا سمع أو رأى شيئاً يحزنه .

المتواضع كل انسان يترجى أقواله كأنها أقوال الله ، أقواله قصيرة مثل أقوال الحكماء الصائبة ، كلامه لذيذ فى مسمع الحكماء أكثر من العسل فى الحلق .

قوى الضعفاء وحزانى القلوب بكلامك ، وبمقدار ما تسخى يدك تعضدك يمين حامل الكل

لا تخاصم من هم بحاجة إلى صلاتك ولا تحرمهم من أقوالك اللينة المعزية كى لا يهلكوا فتُطلب نفوسهم منك .

سد أفواه المتمردين وسكن وقاحتهم بوداعتك وهدوء شفتيك .

اهرب من الجدل العقائدي هربك من الأسد .

وبخ الذين يخالفون معتقدك بقوة فضائلك لا بأقوالك الجارحة .

لا تعتقد أن كل من يملك المعرفة الدنيوية يستطيع اقتناء المعرفة الروحية .

المتواضع هو من يقتبل بدون جهد موهبة عظيمة تفوق كل خليقة وطبيعة ، ويرى ذاته مثل خاطئ وحقير ومرذول . وهو الذى يدخل إلى أسرار الطبائع الروحية كلها ومع ذلك يعتبر نفسه جاهلاًً .

كن شريكاً لحزانى القلب الصالح بصلاتك وبقلبك الشفوق فيفتح أمام طلباتك ينبوع الرحمة .

إن الذين يُمتحنون بالتجارب باستمرار لا تدعهم عناية الله يسلمون إلى أيدى الشياطين بالكلية ، خاصة إذا كانوا يقبلون أرجل الإخوة ويسترون زلاتهم ويخفونها كما لو زلاتهم هم .

الكلام النابع من الخبرة هو غير الكلام المنمق . بدون خبرة الأشياء لا تستطيع الحكمة ان تزين أقوالها ولا أن تتكلم عن الحقيقة دون أن تعرفها لا يمكن لأحد أن يظهر أسرار الفضيلة وهو يجهل خبرة عملها جهلاً تاماً . الكلام النابع من الخبرة خزانة الرجاء . أما الحكمة العارية من العمل فهى وديعة الخزى .

لا تضرب متضايقى القلب فُتجلد بعصاهم وتبحث عن معزين فلا تجد .

فإذا أزمعت أن تفعل الإحسان فليكن جميع الناس متساوين أمامك ولا تحاولن معرفة المستحق وغير المستحق حتى تتمكن من جذب غير المستحقين إلى الصلاح ، لأن الخيرات الجسدية تجذب النفس بسرعة إلى مخافة الله .

لا تِّوبخ أحدا على ذنب بل انسب كل شئ إلى نفسك واعتبر ذاتك سبب ذلته .

خير لك أن تُحتقر من أن تحتقر أحدا . خير لك أن تكون مظلوماً من أن تكون ظالماً .

عندما تعطى إفرح وقل : المجد لك ياالله لأنك أهلتنى أن أجد انسانا أريحه أما إذا لم يكن لك شئ تعطيه فافرح أيضا شاكرا الله وقل : أشكرك يا الله لأنك أعطيتنى هذه النعمة وهذه الكرامة أن أفتقر من أجل اسمك ، واهلتنى لتذوق الشدة التى فى طريق وصاياك والتى ذاقها قديسوك فى المرض والفقر أثناء سيرهم على هذه الطريق .

لا تثق بقوتك كى لا تقع فى ضعف الطبيعة فتعرف ضعفك بسقوطك .

لأنه لا شئ يقرب القلب إلى الله مثل الإحسان ، ولا شئ يسكن إضطراب الذهن مثل الفقر الإختيارى .

الإنسان الفقير يعطيه الله لأنه لا يترك أحداً، أما أنت فبطردك المحتاج أقصيت نعمة الله عنك ، ورفضت الكرامة التى منحك إياها .

من يطلب الإكرام يهرب منه ، ومن يهرب منه يتعقبه فيصير بتواضعه واعظاً لكل الناس .

 

المصدر: كنيسة الشهيد العظيم ما مرقس للاقباط الارثوذكس