الحزمُ معَ النّفسِ - بقلم: ليث مقادسي
الكتابُ المقدّسُ يدعونا للصَّرامَةِ والحزمِ معَ إنسانِنَا القديمِ، لماذا؟ لأنَّ إيمانَنا يُملِي علينا أنّنا قَد مُتنا عَنِ الخطيئَةِ وقُمنا مَعَ المسيحِ في المعمودِيَّةِ، بينَما واقعُ الحالِ يقولُ إنَّنا لا نزالُ مُتَّحِدينَ مع ذلكَ الإنسانِ القديمِ المولودِ بالخطيئَةِ ونعملُ سويّةً. وحيثُ أنَّ ذلكَ الإنسانَ كانَ قد لُعِنَ فإنّهُ باتَ مَرفوضاً مِنَ اللهِ، لذلك فإنسانُنا الجديدُ المتّحِدُ بالرّوحِ القدُسِ يجبُ أن يرفُضَ على الدّوامِ ذلكَ الإنسانَ أيضاً.
ولكنك قد تتساءَلُ، يرفُضُ ماذا؟ الْجَوابُ إنّه يرفُضُ أيَّ محاولَةٍ لجَرِّ إنسانِيَ الْجَديدَ إلى الأرضِيّاتِ، لأنَّ هذا الإنسانَ كان قَد وُلِدَ لِيُحَلِّقَ في السَّماوياتِ بعد أنِ انْتَمَى لملكوتِ السّماءِ وطُعِّمَ في كرمَةِ المسيحِ. بولسُ الرسولُ تحدّثَ كثيرًا عن قمعِ اَلْجَسَد والأهواءِ والْجِهادِ ضِدَّ الخَطيئَةِ؛ إذ قالَ:
"بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً". ١ كورنثوس ٩: ٢٧
هنا نجِدُ الرسولَ يُطَبِّقُ على نفسِهِ ما قالَه في (غل 2: 20) "معَ المسيحِ صُلِبتُ فَأَحيَا..." فنراهُ يفعَلُ ما يفعَلُهُ الرِّياضِيُّ، ويجاهِدُ ويضبُطُ نفسَهُ في كُلِّ شَيءٍ. وهذا كما قُلنا يكونُ بِالِانقِطاعِ عَنِ الطَّعامِ والشَّرابِ والْجِنسِ للرِّياضِيّينَ، أمّا بالنّسبَةِ للرّسولِ وَلِحياتِنا الرّوحِيَّةِ، فعلينا أن نقمَعَ أهواءَ اَلْجَسَد ونَصلُبَ الأهواءَ والشَّهَواتِ (غل 5: 24) في أصوامٍ، في سَهَرٍ، في مطانيات، في خِدمَةٍ، صالِبينَ أهواءَ اَلْجَسَدِ كالزِّنا والطَّمَعِ والحَسَدِ، فهذِهِ تُميتُ الحياةَ الرّوحِيَّةَ. إذًا على اَلْجَسَد أن يكونَ خاضِعًا للرّوحِ. لقد شَعَرَ الرّسولُ بالرّغمِ مِن كُلِّ كَرازَتِهِ أنَّ نَصيبَهُ السّماوِيَّ أو إكليلَهُ معرَّضٌ للضَّياعِ إن لم يقمَعْ جسدَهُ ويستعبِدَهُ ويضبُطَ نفسَهُ ويقمَعَ شَهواتِهِ. إذًا الحياةُ الرّوحيّةُ هي جهادٌ متواصِلٌ لِئَلّا يَفقُدَ المؤمِنُ المتواني ما سبقَ وكسبَهُ. والرسولُ يذكُرُ هذا لِئَلّا يظُنَّ السّامعونَ أنَّ الرّسولَ يفتخِرُ مُتَكَبِّرًا بسببِ التّنازُلاتِ التي ذَكَرَهَا لأجلِ الخِدمَةِ، لذلكَ يؤكِّدُ أنّهُ لا يضمُنُ شيئاً بل هو يُصارِعُ ويجاهِدُ حتى النَّفَسِ الأخيرِ.
تأمُّلٌ: - إذا ثارُ اَلْجَسَدُ ضِدَّ الإرادةِ وطلبَ لذَّتَهُ يُصبِحُ أخطرَ عدُوٍّ للإنسانِ، فهو بهذا يرفُضُ الخضوعَ لتوجيهاتِ الرّوحِ. ومَن لا يركَبُ جسَدَهُ سيركَبُهُ جسَدُهُ، ومَن لا يُذِلُّ جسَدَهُ سيُذِلُّهُ جسَدُهُ. إن كنتَ تريدُ أن تنتصِرَ على عدُوٍّ في خندقٍ حصينٍ، اِقطَع عنهُ الإمداداتِ. هذه فائدَةُ الصّومِ والمطانيات والجهادِ في الصلاةِ والخدمةِ، واعتبارِ اَلْجَسَدِ ميتًا أمامَ شهواتِهِ.
الميطانية (أو مطانية، ميطانيا، مطانيا) كلمَةٌ يونانِيَّةٌ ومعناها التّوبَةُ (المعنى الحرفيُّ هو تغيُّرُ الفِكرِ الباطِنِيِّ أو تجديدُ الذِّهنِ) (رومية2:12).
لأنَّ كلمَةَ "مِيتَا" معناها ما وراءَ، مثل العِلمِ الميتافيزيقي يعني ما وراءَ الطّبيعَةِ، وكلمةُ "نوس" تَعني عقلاً، لذلك كلمَةُ ميطانيا معناها "تغيُّرُ الفِكْرِ"، أو "تغيُّرُ العقلِ الباطِنِ" أو "الفكرُ العميقُ في الإنسانِ". وكلمَةُ "توبة" بالعربي مِن كلمَةِ "ثاب"، أو "عاد إلى ثوابِهِ" ولكي يعودَ إلى ثوابِهِ، لابُدَّ من تغيُّرِ الفِكْرِ الدّاخِلِيِّ.
أما في اللاتينيةِ فالكلمَةُ المقابِلَةُ هي penitentia، وهي تفيدُ مَعنَيَينِ: الأولُ penance عقوبةٌ تُوقَعُ على الخاطِئِ نتيجةً لخطيّتِهِ حتى تُقبَلَ توبَتُهُ، والمعنى الثاني penitance أي ندَمٌ وتأَسُّفٌ على الخطِيَّةِ كعملٍ ضِدَّ محبَّةِ اللهِ.
المطانية هي السُّجودُ الكامِلُ إلى الأرضِ حتى تلامِسَ الْجَبهَةُ التُّرابَ. وهي علامَةُ تسليمِ الحياةِ كُلِّها للهِ. تعوَّدُ الكثيرون على التّوبَةِ السّطحِيَّةِ، أي ندمٍ وقتِيٍّ غيرِ نابِعٍ عن رغبَةٍ بالتَّغييرِ، لذلك نحتاجُ لتغييرِ الفِكرِ كي نستطيعَ مقاومَةَ كُلِّ خَصلَةٍ في إنسانِنَا القديمِ لا تزالُ تجرُّنا للتّشَبُّهِ بالفِكرِ الأرضِيِّ.
ما الذي نحتاجُ أن ننتَبِهَ له في هذهِ الأيامِ؟ الجوابُ هو الأولويّةُ. هلِ المسيحُ هو الأوّلُ في حياتِنا؟ ما هو أوّلُ شيءٍ أصنَعُهُ حينما اَستيقِظُ مِنَ النّومِ؟ هل هو الهاتِفُ النّقّالُ أمِ الارتماءُ في حِضنِ اللهِ الآبِ وأَخْذِ بركَتِهِ لذلِكَ اليومِ والانفتاحِ لأيِّ عملٍ يرغبُ أن يصنَعَهُ مِن خِلالِنا؟ لأنَّ الأخبارَ، سواءَ كانت دولِيَّةً أم عائليّةً، باتَتِ الشّغلَ الشّاغِلَ للكثيرينَ.
أنا شخصِيّاً مررتُ بهذا النّسَقِ ووجدتُ أنَّهُ يُشغِلُ فِكري كثيراً ويُقَيِّدُ مِن فاعِليَّةِ عملِي الرّوحِيِّ، فغيَّرتُ طريقَةَ تفكيري إلى الآتي ... إن كنتُ مُنقاداً بِالرّوحِ القُدُسِ وأنا سفيرٌ لرَبِّ المجدِ، فأنا بُتُّ محتاجاً للاستماعِ لأخبارِ الملكوتِ حَصراً. من هنا فإنّي سأحتاجُ لقضاءِ أوقاتٍ أطولَ في الصَّلاةِ، وإن كانَ الملكوتُ يرغَبُ بإيصالِ خَبَرٍ أرضِيٍّ لي فإنّه هو مَن سيفعَلُ. كذلك هو الحالُ بمتابعَةِ أخبارِ الآخَرينَ عَبرَ مواقِعِ التّواصُلِ الاجتماعِيِّ، فإنَّ هذا الموضوعَ يجبُ أن يُقاوَمَ كونُه لا يُبنَي على النطاقِ الروحِيِّ بل يُعتَبَرُ نافِذَةً لدُخولِ الكثيرِ مِنَ الفايروساتِ الرّوحيّةِ كالنّميمَةِ والْحَسَدِ.. إلخ. أمّا إن كانَ هناكَ حاجَةٌ لصَلاةٍ مِن أجلِ آخَرينَ، أوِ استِفادَةٌ روحِيَّةٌ مِن خِلالِ هذِهِ المواقِعِ، فإنَّ الرّبَّ هو مَن سيجلِبُها لنا.
هل نُلغي اشْتِراكَنا في مواقِعِ التّواصُلِ الاجتماعِيِّ؟ الْجَوابُ كَلّا ... لأنَّ هناكَ الكثيرَ من الأمورِ النّافِعَةِ التي يستَخدِمُها اللهُ للتّواصُلِ معَنا، ولكِنّني اَتحدَّثُ عن الأولوياتِ وطريقَةِ تفاعُلِي مع ما يُعرَضُ علي، فحينما أُجَدِّدُ ذِهني نحوَ دعوَةِ اللهِ العُليا لِحَياتي فإنَّ طريقَةَ تفاعُلِي مع نجاحِ شخصٍ على النِّطاقِ الأرضِيِّ ستتغيَّرُ مِنَ الغَيرَةِ إلى الصّلاةِ مِن أجلِهِ ليقودَهُ هذا النجاحُ إلى استخدامٍ يَحظَى مِن خِلالِهِ بأكاليلَ أبدِيَّةٍ. لذلك أنا هنا أقمَعُ وأُحارِبُ أوّلَ شُعورٍ يَنتابُني وأنا أسمَعُ عن نجاحِ شخصٍ، وهو الغَيرَةُ وَالحَسَدُ.
أعرِفُ شخصاً اِستطاعَ التّخلُّصَ مِن عِلَّةٍ كبيرَةٍ في كِيانِهِ، وهي عدَمُ إمكانيّةِ طلَبِ السَّماحِ مِنِ ابنِهِ، لأنَّ كبيرَ البيتِ أو رَبَّ الأُسرَةِ في المجتمعاتِ الشّرقِيّةِ تُعَلِّمُ أن يكونَ هو الآمِرَ النّاهِي وحتى حينما يُخطِئُ بحَقِّ أحَدِ أولادِهِ، فكرامَتُه تمنَعُهُ مِنَ الاعتذارِ، بينما هذا الشخصُ نَظَرَ إلى شَخصِ الرّبِّ الذي، وهو السَّيِّدُ، تنازَلَ وغَسَلَ أرجُلَ تلاميذِهِ، فكانَ صارِماً مع نفسِهِ وأَجبَرَها على تغييرِ هذا الفِكرِ.
ما الذي حصلَ بين الابنِ وأبيهِ؟ الأبُ كانَ قَد أوصَى ابنَهُ على عدَمِ الاهتمامِ بموضوعٍ يُشغِلُهُ عَن دِراسَتِهِ. بعد بضعَةِ أيّامٍ جاءَهُ ابنُهُ بنفسِ ذلكَ الموضوعِ ليُحاوِلَ إشراكَهُ معَهُ، فغَضِبَ الأبُ وتكلّمَ معَهُ بأُسلوبٍ حادٍّ، فصعِدَ الابنُ إلى غُرفَتِهِ مُتَألِّماً. ما الذي فعلَهُ الأبُ؟ صلّى صلاةً بسيطَةً طالِباً حِكمَةَ اللهِ، ثُمَّ نادى ابنَهُ وابتدَأَ يمتَدِحُهُ على الأمورِ الإيجابيّةِ التي يَصنَعُها، ثُمَّ اعتذَرَ له عن قسوَةِ ردِّهِ؛ فكانَ هذا الموقِفُ بمثابَةِ شِفاءٍ نَفسِيٍّ للاثنينِ وورشَةِ عمَلٍ للابنِ والحاضِرينَ بكيفيّةِ التّشَبُّهِ بوَداعَةِ الرّبِّ.
ما هي فوائدُ الحزمِ مَعَ النّفسِ؟ يُجيبُ بولُسُ الرّسولُ قائلا: "تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ". رومية ١٢: ٢. إذاً، الموضوعُ مرتَبِطٌ بِاستِخدامِ اللهِ لي. اوّلُ مُعجِزَةٍ يصنَعُها اللهُ في حياةِ تلاميذِهِ هي تَغييرُهُم هُم قبلَ تَغييرِ الآخَرينَ. ولكِن كيفَ يتِمُّ الموضوعُ عملِيّاً؟
حينما نقرَأُ عن لقاءِ الرّبِّ يسوعَ مع زَكّا العَشّارِ والمرأَةِ السّامرِيّةِ والمرأَةِ الزّانيَةِ والكثيرين، ما الذي حصلَ على النّطاقِ الرّوحِيِّ؟ حصلَ لديهِم شعورٌ روحِيٌّ بأنّهُم يقفونَ أمامَ رَمزِ النّقاءِ والطُّهرِ، وبالتّالي باتوا يَشعُرونَ بالعُريِ مِنَ البِرِّ كما شعرَ آباؤُهُمُ الأوّلونَ بالعُريِ أمامَ اللهِ بعدَما أخطأوا، على الرّغمِ مِن أنّهُم كانوا يرتَدونَ أوراقَ تيٍن ومَآزِرَ فصارَ عندَهُم تبكيتٌ لا شُعورِيٌ.
هل تشعَرُ أنَّ حياتَكَ مُشَوّشَةٌ ولا تعلَمُ ما هو مصيرُكَ؟ هل حاولتَ مِراراً تغييرَ الكثيرِ مِن سُلوكياتِكَ ولكنّكَ تعودُ وتسقُطُ؟ إذاً الخَطوَةُ الأولى الواجِبُ اتِّباعُها للبَدءِ بهذا المشوارِ المقَدَّسِ هو لقاءُ الربِّ يسوعَ شخصِيّاً. ولكنكَ قد تتساءَلُ، كيفَ لي أن أُحَقِّقَ هذا الّلقاءَ؟ المسيحُ ملِكٌ ونحنُ لا يُمكِنُنا الذَّهابُ إليهِ ولقائِهِ. الطّريقَةُ الوحيدَةُ هي طلَبُهُ مِن كُلِّ القلبِ وإبداءِ الشَّغَفِ للقائِهِ كما فعلَ زَكّا العَشّارُ الذي لم ينظُرْ لكبريائِهِ ومركزِهِ أمامَ الشّعبِ كرجُلٍ معروفٍ بل ركّزَ على المسيحِ فتفاعَلَ الرّبُّ مع هذا القلبِ الشّغوفِ وزارَهُ في منزِلِه.
إذ يُخبِرُنا لوقا البشيرُ عن تلكَ الرّغبَةِ بالّلقاءِ التي كانت في قَلبِ زَكّا قائلا: "وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْجَمْعِ لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ الْقَامَةِ". لوقا ١٩: ٣ فنلاحِظُ أنَّ البِدايَةَ كانت "طَلَبَ" ولكِنْ هل قَدَّمَ طلبَهُ لتلاميذِهِ؟ كَلّا قدَّمَهُ للمسيحِ نفسِهِ بالرّوحِ. لذلك عزيزي اُطلُبِ المسيحَ مِن كُلِّ القلبِ ولا تُفَكِّرْ بأيِّ وسيطٍ لأنَّ طبيعَتَنا البشريّةَ تحِبُّ مبدَأَ الوَساطَةِ، لذلكَ كُن حازِماً مع نفسِكَ وَارْفُضْ أيَّ وساطَةٍ لتحقيقِ هذا الّلقاءِ.
الحزمُ الآخَرُ مع النفسِ الذي أبداهُ زَكّا هو صعودُهُ على الشَّجَرَةِ: نفسُهُ تقولُ له إنَّهُ قصيرٌ، تحدّى هذا الصّوتَ وصَعِدَ على الشَّجَرةِ لأنَّ الموضوعَ بالنّسبَةِ له باتَ حياةً أو موتاً. هل لقاؤُكَ بالرّبِّ يسوعَ مهِمٌّ بالنّسبَةِ لك وقادِرٌ أن يُجَرِّدَكَ مِنَ الكبرياءِ ونظرَةِ النّاسِ لكَ؟ أم إن أصبَحتَ تلميذاً للرّبِّ ستخسَرُ بعضَ العِلاقاتِ؟ وبعضُ الأشخاصِ سيقولون عنكَ إنَّكَ قد أصبحتَ معَقَّداً؟
حينَما زارَ الرّبُّ زَكّا العشارَ لم يقُلْ له إنّكَ تخدَعُ الشّعبَ في عملِكَ وإنّكَ خاطِئٌ، كلا بل قدَّمَ له جُرعَةَ محبَّةٍ لم يستَطِعْ أن يحتَويها، ففاضَت على الآخَرينَ ونطقَ قائلاً: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ﭐلْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهَذَا الْبَيْتِ إِذْ هُوَ أَيْضاً ابْنُ إِبْرَاهِيمَ لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ». لوقا ١٩: ٨-١٠
هل يتِمُّ هذا الموضوعُ في هذِهِ الأيّامِ؟ بالتأكيدِ نعم، فالرّبُّ قادِرٌ أن يَزورَنا مِن خِلالِ كلمَتِه، مِن خلالِ رُؤيا، والكثيرِ منَ السُّبُلِ التي هو يختارُها لأنّهُ يعلَمُ الوسيلَةَ المـُثلى التي تُناسِبُ كُلَّ شَخصٍ، لقائي بالرّبِّ سيجعَلُني أنظُرُ لنفسِي كما بمرآةِ المسيحِ، حينَها سيسهَلُ عليُّ توليدُ شُعورِ القَرَفِ مِن نَسَقِ الحياةِ العالَمِيِّ الذي يَميلُ دوماً لمحبَّةِ العالَمِ وأشياءِ العالَمِ.
غايَةُ اللهِ لحياتِنا هي الثّمَرُ للحياةِ الأبديّةِ، وهذهِ الثّمارُ لن تتكاثَرَ وتتنَوّعَ مِن دونِ حَزمٍ معَ النّفسِ. دعوني أسرُدُ بعضَ الأمورِ العملِيّةِ التي تُذَكِّرُنا بالأمورِ الواجِبِ الحزمِ بها بعدَمَا قَبِلنا المسيحَ ربّاً وسيّداً وعامِلاً في حياتِنا بروحِهِ القُدّوسِ:
هل هناكَ قمعٌ لثمَرِكَ الرّوحِيِّ مِن قِبَلِ مسؤولِكَ الرّوحِيِّ؟ صَلِّ مِن أجلِهِ ولا تُبقِ أيَّ ضَغينَةٍ في قلبِكَ وامتَنِعْ عنِ الحديثِ عنهُ أمامَ الآخَرينَ، حتى وإن كانت زوجَتُكَ.
هل تشعُرُ أنّكَ مؤخّراً أزعَجتَ أحدَ الأشخاصِ بردَّةِ فِعلِكَ؟ بادِرْ للاعتِذارِ بِغَضِّ النّظَرِ عَنِ المراكِزِ والأعمارِ.
هل كنيسَتُكَ يكثُرُ بها الحديثُ والثّرثَرَةُ على شَخصٍ ما؟ لا تَشتَرِكْ بهذِهِ الثّرثَراتِ بلْ اُهْرُبْ مِنها.
هل يُحاوِلُ بعضُهُم جَرَّكَ لتقديمِ خِدمَةٍ معيّنَةٍ تُقنِعُكَ نفسُك أنّها تمجِّدُ اللهَ؟ اُسجُد وَاطْلُب صوتَ اللهِ أوّلاً قبلَ الموافَقَةِ أوِ الرّفضِ.
هل ما يحدُثُ في بَلَدِكَ والعالَمِ يقودُكَ للحُزنِ والخوفِ مِنَ المستقبَلِ؟ رَكِّزْ على الرّبِّ حَصرًا وكُنْ حازِماً بهذا التّركيزِ وأَمسِكْ بيَدَيهِ وَلا تُرخِ.
هل تُخبِرُكَ نفسُكَ، وأنتَ تُبادِرُ لإعطاءِ مساعدَةٍ مادّيّةٍ لمـُحتاجٍ، أنَّهُ قَد يكونُ مخادِعاً؟ صَلِّ وَاطْلُبْ إعلانَ اللهِ لكَ عن نوعيّةِ الاحتياجِ، فالمخادِعُ سيكونُ بحاجَةٍ للقاءِ المسيحِ الذي فيكَ.
هل تَجُرُّكَ نفسُكَ للخوفِ بخُصوصِ العمَلِ والرِّزقِ؟ كُنْ حازِماً مِن خِلالِ تَعميقِ الاتِّكالِ على الرّبِّ وعِشْ سلامَهُ الذي يَفوقُ العُقولَ.
هل تَنسى قِراءَةَ الإنجيلِ المقَدَّسِ؟ كُن حازِماً بترتيبِ جَدوَلِ أعمالِكَ اليومِيِّ ليكونَ عندَكَ وقتٌ يومِيٌّ للقراءَةِ والتّأَمُّلِ.
هل تَميلُ يومِيّاً نحو تقصيرِ فترَةِ صَلاتِكَ؟ كُنْ حازِماً نحو الارتماءِ في أحضانِ الرّبِّ بالرّوحِ، وتأمَّلْ نفسَكَ كالطِّفلِ الرّضيعِ الرّاغِبِ بمبادَلَةِ أبيهِ مَشاعِرَ المحبَّةِ غيرَ مُهتَمٍّ بأيِّ طَلِباتٍ.
الربُّ جادٌّ في كُلِّ شيءٍ وهو يَرغَبُ لتلاميذِهِ أن يكونوا جادِّينَ في حَياتِهِم وخِدمَتِهِم. أُصَلّي أن تَبدَأَ مِشوارَ الحزمِ وتَنعُمَ بِاستِخداماتٍ جَديدَةٍ على النّطاقِ الرّوحِيِّ تُبارِكُ حياتَكَ والكثيرينَ. ودُمتُم في أمجادِ الملكوتِ.