التّميُّزُ في المثابَرَةِ - بقلم: ليث مقادسي
يَسعَى لاعِبُ كرَةِ القَدَمِ النّاجِحِ ومَعَ بدايَةِ لَعِبِهِ في النَّوادِي المحلّيَّةِ للوصولِ لمراكِزَ مُتَقدّمَةٍ تجعَلُه محَطَّ اهتمامِ النّوادِي العالميّةِ، هذهِ الرؤيةُ يَضعُها وهو لا يرى منها شيئًا، فقط يضعُها أمامَه كهدَفٍ يسعَى له باجتهادٍ ومثابرةٍ، لا يوجدُ للفشلِ مكانٌ في حياتِهِ بل إنَّ نسقَ حياتِهِ بات يسعى لتحقيقِ ذلك الحُلُمِ.
على النطاقِ الرّوحِيِّ نجدُ أيضا الإنسانَ الحريصَ على أبديتِهِ، لا يطمحُ لدخولِ ملكوتِ اللهِ فَحَسبُ، بل يَسعَى بكلِّ اجتهادٍ لنَوالِ مَراكِزَ متقدّمَةٍ في ذلك الملكوتِ، هو يَستشعِرُ تقدُّمَهَ نحو ذاكَ الهدفِ بشكلٍ يومِيٍّ ولكنّهُ لا يرى منه شيءٌ، حتى وإن سقطَ في الخطيئَةِ فإنَّهُ يقومُ أقوى، كونُهُ قد عقد العزمَ على النّجاحِ.
لاعبُ كرةِ القدمِ الحريصُ يهتَمُّ بالتّدريباتِ كونُها العامِلُ الرئيسِيُّ في نُمُوِّ لياقتِهِ البدنيَّةِ وتطوُّرِ مهاراتِه، هو لا ينظرُ لها كَعِبْءٍ بل يستثمرُ كلَّ لحظَةٍ للاستفادةِ منها، لا يتململُ ويحاولُ التغيّبَ عن حصصِ التّدريبِ بل يأتي قبلَ الْجَميعِ نَشِطًا ومتحمِّسًا كونُهُ ينظُرُ للمباراةِ القادمةِ على أنّها فرصَةٌ لإظهارِ مهارَةٍ جديدةٍ تساهمُ في تحقيقِ نصرٍ جديدٍ للفريقِ.
كذلك هو الحالُ مع الإنسانِ الذي قرّرَ الالتفاتَ مِنَ العالمِ نحوَ الربِّ وباتَ ينظُرُ لملكوتِ اللهِ حصرًا فإنّهُ سيهتمُّ بالتدريباتِ التي يضعُها الربُّ أمامَه، هذه التدريباتُ تأتي بعد قراءَتِهِ للكتابِ المقدسِ ومن ثَمَّ عيشُ الكلمةِ، هذا الالتفاتُ سيجعلُ اِبليسَ حريصًا على إسقاطِهِ بين الحينِ والآخَرِ كونُه يَسعى مجاهدًا لرفضِ الخطيئةِ بعد أن أدركَ مركزَ القداسةِ المُعطَى له مِن خلالِ عملِ الربِّ يسوعَ المسيحِ على الصّليبِ.
اللاعبُ الناجحُ يهتمُّ بالإصْغاءِ لتعليماتِ مدرِّبِهِ، كونُه يَعلَمُ أنّها لفائدتِهِ، يحرُصُ على سؤالِهِ عنِ الأمورِ الغيرِ المفهومَةِ ويهتمُّ بتنفيذِ كافّةِ إرشاداتِهِ بدقَّةٍ عاليةٍ، هو يسمعُ، يفهمُ ويطبِّقُ. تكاسُلُ الآخَرين بتطبيقِ تعليماتِ المدرّبِ تحفِّزُهُ ليكونَ مختلفًا بل ويجعَلُ المدرّبَ فخورًا بتقدمِّهِ المستمِرِّ، هو لا يكتفي بما وصل إليهِ بل يطمحُ دائماً للتميُّزِ من خِلالِ البحثِ عن كُتُبٍ ودوراتٍ تطويريَةٍ، فنلاحظُهُ يلهَجُ بها بلا مَللٍ ولا كللٍ.
كذلك هو الحالُ مع إنسانِ اللهِ، فإنه مهتمٌّ جدًّا للإصغاءِ لصوتِ الربِّ مِن خلالِ لهجِهِ المستمِرِّ في الكتابِ المقدّسِ، لا يقرأُ فحسبُ بل يلهَجُ أيضًا، أي يدخُلُ إلى أعماقِ الكلمة، يبحثُ عن التفاسيرِ للفَهمِ الأعمقِ. هو لا يكتفي بذلك بل هو حسّاسٌ لسَماعِ صوتِ الربِّ مِن خلالِ أيّةِ وسيلةٍ ممكنٌ للربِّ أن يستخدِمَها معه، هو لا يقرأُ للمعرفةِ الأكاديميّةِ بل لغرضِ التّطبيقِ بأقربِ فرصةٍ فيحظَى باهتمامِ اللهِ الآبِ لغرضِ تكليفاتٍ جديدةٍ وبالتالي أكاليلَ وأمجادٍ أعظمَ في الملكوتِ.
اللاعبُ الناجحُ حريصٌ على الاستفادةِ من أخطائِهِ وأخطاءِ الآخَرين من خلالِ تسجيلِها، التفكيرِ بها والبحثِ عن وسائِلَ لمنعِ حدوثِها في المستقبَلِ، هو لا يتجاهَلُها بقولِه إنَّ الْجَميعَ يُخطِئونَ بل يبحثُ عن التّفوقِ من خلالِ عدمِ سَماحِهِ لنفسِهِ بالخطَأِ، كما أنَّهُ لا ينظُرُ لأخطاءِ الآخَرين بِكبرياءٍ كونُه أفضَلَ منهم، بل يأخُذُها بعينِ الرّغبَةِ لأخذِ العِبَرِ.
كذلكَ هو الحالُ مع الإنسانِ الذي قرَّرَ العيشَ بحسَبِ الروحِ وليسَ بحسبِ الْجَسَدِ، فإنّهُ لا يسمحُ لنفسِهِ بتَكرارِ الخطيئَةِ إذ هو حريصٌ دومًا على اكتشافِ المنافِذِ التي لا تزالُ مفتوحَةً في إنسانِهِ القديمِ التي يستخدِمُها إبليسُ لجرِّهِ للخطيئَةِ، حيثُ أنّهُ قد فَهِمَ مِن الإنجيلِ المقدّسِ أهْمِيَةَ ترويضِ الْجَسَدِ مِنَ النّصِّ الآتي: " فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ كولوسي ٣: ٥" هو لا يَجلِسُ ويُقنِعُ نفسَهُ بأنَّ الْجَميعَ خَطَأةٌ ولا يُمكِنُ الوصولُ لِلكَمالِ بَل يَنطُقُ بِكلامٍ يُحَفِّزُهُ على التَّشَبُّهِ بِسَيِّدِهِ قائلا: "سأسعى في المُتَبَقّي مِن حياتِي رافِضًا لِلخطيئَةِ ومُحاربَتِها كي اَمتَلِئَ أكثرَ مِن روحِ اللهِ القُدّوسِ فأحظَى بِاستخداماتٍ جديدَةٍ ومِن ثَمَّ أكاليلَ جديدَةٍ"
هو لا يَدينُ الآخَرين حينما يُخطِئونَ، بل يُصَلِّي مِن أجلِ حُصولِهِم على اسْتِنارَةٍ روحِيّةٍ كما صَلَّى بولسُ الرسولُ قائلا: " لاَ أَزَالُ شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ، وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ. افسس ١: ١٦-١٩" ليسَ هذا فَحَسبُ بَل يَأخُذُ مِن أخطائِهِمِ العِبَرَ كي لا يَسقُطَ هو بِها.
تسلسلُ صعودِ اللاعبِ النّاجحِ يبدأُ من النادِي المحلِّيِّ إذ هو يبذُلُ أقصَى طاقَةٍ في هذِهِ المرحَلَةِ لإثباتِ جَدارَتِهِ على أملِ انْتِخابِهِ لتَمثيلِ بلِدِهِ ضِمنَ المنتَخَبِ الوطَنِيِّ، طموحُهُ لا ينتَهِي عند هذا الحدِّ بل يستمِرُّ بإظهارِ التّفوقِ على أملِ التّعاقُدِ مع نوادِيَ عالمِيَّةٍ مرموقَةٍ فيكتسبُ خبراتٍ أوسعَ ليرفُدَ بها منتخَبَهُ الوطنِيَّ، حينما يُمَثِّلُ بلدَهُ في المَحافِلِ الدّوليةِ فإنّهُ يلعبُ بزخمٍ إضافِيٍّ نابعٍ منَ الغَيْرَةِ على تمثيلِ بَلِدِهِ بأبهى صورَةٍ، فنلاحظُهُ يحزَنُ بل ويَبكي حينَما تحصَلُ له إصابَةٌ تُعيقُهُ عن إكمالِ المُباراةِ.
كذلكَ هو الحالُ مع المؤمِنِ النّاجحِ، فإنّهُ يبدَاُ التدريبَ على العملِ في حقلِ الربِّ من خلالِ كنيستِهِ أو بيتِهِ وحينما يُظهِرُ تفانيًا وأمانةً في العملِ الروحيِّ نلاحظُ الربَّ ينتخِبُهُ لتمثيلِ مَلَكوتِ السماءِ لأنّهُ ابتدأَ يُنيرُ طريقَ الآخَرين حيثُ قال الربُّ يسوعُ عن هؤلاءِ: " وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. متى ٥: ١٥-١٦"
لاعبُ كرةِ القدمِ النّاجحِ يفكّرُ بالآخَرينَ أثناءَ المباراةِ إذ هو يطمَحُ لنجاحِ الفريقِ بأكملِهِ واضعًا الأنانيةَ جانبًا، لا يبخَلُ عليهِم بالأفكارِ والمساعدةِ بل يكونُ سَبّاقًا لتقديمِ العونِ، هو يتصرفُ على هذا المنوالِ كونُه واثقًا بإمكانياتِهِ راغبًا أن يكونَ مثالاً يُحتَذَى بِهِ وقد أدركَ أنَّ الإنسانَ مهما نجحَ ولكنْ ليسَ له محبّةٌ فهوُ لا شيءُ. هو يصرِفُ الوقتَ للحديثِ مع رفاقِهِ عن كيفيةِ تمثيلِ الفريقِ بأفضلِ وجهٍ مُعطِيًا نفسَهُ مثالاً، يدافِعُ عنِ اللاعِبِ الذي يُعاقَبُ في المَلعَبِ مُظهِرًا تفانِيًا مِن أجلِ الآخَرِ.
كذلكَ هو الحالُ مع تِلميذِ الربِّ يسوعَ المسيحِ المُجتَهِدِ فإنَّهُ لا يهتَمُّ بنجاحِهِ بقدْرِ اهْتِمامِهِ بنجاحِ جسَدِ المسيحِ بالكاملِ أيِ الكنيسةِ واضِعًا المحبَّةَ أساسًا لكلِّ عملٍ روحِيٍّ، هذا السلوكُ هو نَسَقُ حياةٍ بالنِّسبَةِ له أي لا يصنَعُهُ اليومَ ويمتنِعُ عنه غدًا، هو يحزَنُ حينما يكونُ احَدُ أعضاءِ الكنيسَةِ متألمًا ويصرِفُ الوقتَ بالصّلاةِ مِن أجلِهِ، زيارتِهِ وإبداءِ أيةِ مساعدةٍ مَطلوبةٍ، حينما يتحدثُ آخَرونَ عن احَدِ أبناءِ كنيستِهِ المُخطِئِ فإنّه يُحيدُ نظرَهُم لتذَكُّرِ أعمالِهِ الصّالحَةِ كَي يمنعَ الثّرثَرَةَ والحديثَ السَّلبِيَّ عنِ الآخَرين مذكرًا إياهُم بأهمِيَةِ الصّلاةِ لِلمُخطِئِ، مُتذكّرًا قولَ بولسَ الرسولِ عنِ المحبَّةِ: " الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا. وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ.١ كور١٣: ٤-٨
لاعبُ كرةِ القدمِ المثابرِ يسعَى لحياةِ القولِ والفِعلِ ليسَ في الملعَبِ فحَسبُ بل في حياتِهِ اليوميَّةِ، هو لا يرغبُ أن يكونَ عَثرَةً لمُعجِبِيهِ، بل يَسعَى دائِماً لتطويرِ مَهاراتِهِ الفردِيّةِ في القراءَةِ والنّضوجِ الفِكريِّ فيتدرّبُ على السّلوكِ المِثاليِّ مع الوقتِ، فالّذي يراهُ خارجَ الملعبِ يُمارِسُ حياتَهُ اليوميَّةَ لا يجِدُ صورَةً مغايِرَةً للتي قد كّوَّنها عنهُ بل تُزيدُ مِن إعجابِهِ بِه.
كذلك هو الإنسانُ الساعِي لحياةِ القَداسَةِ فإنّهُ يسعَى جاهِدًا لرفضِ الخَطيئَةِ قولاً وفِعلًا مِن خلالِ تطبيقِ كلامِ الإنجيلِ المقدّسِ ووصايا الربِّ يسوعَ المسيحِ على حياتِهِ هو يَرفُضُ تمامًا سلوكَ الفَرّيسيينَ الذي تكلَّمَ عنهُمُ الربُّ يسوعُ المسيحُ قائلًا: " وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. متى ٢٣: ٢٧-٢٨"
رؤيةُ المُعجِبينَ لِلّاعِبِ المثابِرِ تكونُ كبيرةً بل والكثيرونَ يبدأونَ بتقليدِهِ مِن خلالِ ارتِدائِهِم لملابِسَ عليها اسمُهُ أو يتصرّفونَ مثلَهُ أي أنَّ تأثُّرَهُم به باتَ واضِحًا، هم يُقدّمونَ له كُلَّ الدّعمِ المطلوبِ لنجاحِهِ ومِن ثَمَّ اسْتِمتاعِهِم بهذا النجاحِ، يتناقلونَ نشاطاتِهِ عَبرَ الإنترنِت ووسائِلِ التّرابُطِ الاجتماعِيِّ كي يُعَرِّفُوا الآخَرينَ بمهاراتِهِ وهم دائمو الحديثِ عنه والتفكيرِ بهِ.
أمّا إنسانُ اللهِ الناجحُ فإنهُ دائمُ التحذيرِ لمُعجِبِيهِ مِن أن يُصبِحَ مَعبودَهُم بل يُوَجِّهُ أنظارَهُم إلى الآبِ السّماوِيِّ الذي هو الوحيُد المستحِقُّ الإكرامَ، حينَها سيُمَجِّدُهُ الربُّ بِدورِهِ بطرُقٍ متنوِّعَةٍ، هو دائِماً يعلِنُ ضَعفَهُ وكَم هو خاطئٌ لكي يُحَوِّلَ أنظارَ مُعجِبِيهِ إلى شَخصِ الربِّ. واحدَةٌ من وسائِلِ تمجيدِ الربِّ له هو جعلُهُ نورًا مِن خلالِ مُعجِبيهِ فنلاحِظُهُم يتحدثونَ عنهُ بِاستمرارٍ مُتأثرينَ ببَساطَتِهِ وأُسلوبِهِ المُؤثِّرِ ويبدأونَ بمشارَكَةِ عِظاتِهِ أو برامِجِهِ مع الآخَرين بشتّى الطُّرُقِ.
هو يفرَحُ بهذهِ المحبَّةِ كونُه عالِمًا أنَّ مَصدَرَها الربُّ وحدَهُ كونُه دائِمَ الاجتهادِ بإعطاءِ المجدِ لَهُ، فهل تطمَحُ عزيزي لهذا المستوى الروحِىِّ الرفيعِ؟ صلِّ مَعِي إن أردتَ: "أيّها الآبُ السّماوِيُّ أنا أتقدّمُ إليكَ بشوقٍ ورغبَةٍ جامِحَةٍ للتّغييرِ والنّمُوِّ نحوَ القَداسَةِ كي أنعَمَ ببرَكَةِ القُربِ منكَ والتّلامُسِ اليَومِيِّ معَكَ كَي أساهِمَ في مَشاريعِكَ الخَلاصِيَّةِ على الأرضِ، اجْتَذِبْني إليكَ، عَرِّفْنِي إرادَتَكَ الصّالِحَةَ لحياتي فأطابِقُ مشيئَتَكَ كما في السَّماءِ كذلك على الأرضِ بِاسْمِ الربِّ يسوعَ. آمين"
هناك مَن سَيكرهونَ اللاعِبَ النّاجحَ والإنسانَ الراغبَ بالتقرّبِ منَ اللهِ الذي يِعكِسُ محبَّةَ الربِّ للآخَرينَ حيثُ يحاولونَ إعثارَهُم، من هنا عليهِم تذكُّرُ قولِ يوحنا الرسولِ: "لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ. كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ! وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ. لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ." ١ يوحنا ٣: ١٢-٢٠
أصَلِّي أن يكونَ تأمُّلُنا هذا سببَ بركَةٍ لِلْجَميعِ ودُمتُم في أمجادِ المَلكوتِ