ثمار الروح

Hits: 3200

ثِمارِ الرّوحِ - بقلم: ليث مقادسي

 

واحدةٌ مِن مِيزاتِ إنسانِ اللهِ الذي قد وَجَّهَ نظَرَهُ نحوَ الأمجادِ الأزليّةِ وباتَ ساعِيًا لها هو إدراكُهُ لِعَلاقَةِ الْجَسَدِ معَ الرّوحِ كونُهُ عالِمًا أنَّ سَّبيلَ الحصول على الأمجادِ الأزليّةِ يأتي مِن خِلالِ تركيزِنا واهتِمامِنا بالثَّمَرِ الرّوحِيِّ. ولكِنْ ما عَلاقَةُ قَهرِ الْجَسَدِ بِالثَّمَرِ الرّوحِيِّ؟ يُجيبُ عَن هذا التَّساؤُلِ بولسُ الرّسولُ قائلا: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. غلاطية ٥: ١٦-١٧

في أيام الامتحانات نلاحظُ الطّلّابَ المتَمَيّزينَ لا يُعيرونَ اهتِمامًا بالطَّعامِ والشَّرابِ كونُ تركيزِهِم ثابتًا على النّجاحِ بتفَوُّقٍ وهُم لا يَرغبون بإضاعةِ ولا دقيقَةٍ لتحقيقِ ذلكَ الهدَفِ، مِن هنا نجِدُ الإنسانَ السَّاعِيَ باجتهادٍ للأمجادِ الغيرِ الزَّائلَةِ غيرَ راغِبٍ بإهدارِ وقتِهِ بأمورٍ وَقتِيَّةٍ زائلةٍ، هو لا يكتَفي بعدَمِ الاهتمامِ بها بل بمقاومتِها بشكلٍ يومِيٍّ كي لا تُعيقَ هدَفَهُ الرئيسَ.

 

الشّعوبُ المتحضِّرَةُ لديها سلوكٌ يميزُها عنِ الشّعوبِ النّامِيَةِ، وهو عدَمُ اكتراثِهِم بما يَلبَسُ الفردُ أو كيف يتصرَّفُ في مكانٍ عامٍّ، لماذا؟ لأنَّ تركيزَهُم عالٍ جدًّا على الأهدافِ التي قد وضعوها لأنفُسِهِم فباتوا يسلُكونَ بالتَّجاهُلِ لأيِّ عائِقٍ جانِبِيٍّ، مِن هنا نلاحِظُ تفوُّقَ إنتاجِيَّتِهم على الشّعوبِ النّامِيَةِ التي نَسِيَتِ الهدَفَ وباتَت مُشتَّتَةً بالتّفكير بالآخَرينَ.

يبدأُ الموضوعُ حينَما أجلِسُ وأقارِنُ لِغَرَضِ الاختيارِ السّليمِ، فاقرَأُ الإنجيلَ المقدَّسَ للتّعرُّفِ على الأمجادِ المعَدَّةِ للسّالِكينَ ليسَ بحسَبِ الْجَسَدِ بل بِحَسَبِ الرّوحِ، والنَّظَرِ إلى العالَمِ وما يُمكِنُ أن يُقدِّمَهُ لي حينَ أصِلُ لِسِنِّ التّقاعُدِ حينَها سأُقرِّرُ بإرادَتي اختِيارَ الطّريقِ الأمثَلِ, فإنِ اختَرتُ العَيشَ بحسَبِ الرّوحِ فإنني تِلقائِيًّا سأبدَأُ برفضِ العالَمِ إن كانَ اختيارِيَ نابِعًا مِن كُلِّ القلبِ وبلا عودَةٍ.

 

اهتمامُ الْجَسَدِ يَجُرُّنا للاهتمامِ بالغِنَى لغَرَضِ تأمينِ احتياجاتِ الْجَسَدِ، وهذا السُّلوكُ سيُعيقُ ثمرَنا لحسابِ الملكوتِ لأنَّنَا لا نستطيعُ أن نَخدِمَ اللهَ والمالَ (متى ٦: ٢٤) بينما إنسانُ اللهِ أدركَ أنَّ جَسَدَهُ أصبحَ مُلكًا للهِ بعدَ أن سكنَهُ بروحِهِ القُدّوسِ لذلكَ هو مَن سيعتَنِي بهِ ويُظهِرُهُ دومًا بشكلٍ لائِقٍ لأنَّنا مع الرّبِّ نتبادَلُ الأحمالَ. فالثّمرُ هو حِملُ اللهِ الخفيفِ الذي يُريدُنا أن نحمِلَهُ للعالَمِ وَمِن جِهَةٍ أخرى يَدعونا لجلبِ أحمالِنَا الْجَسَدِيَّةِ وإلقائِها عندَ قَدَمَيهِ.

اهتمامُ الروحِ يجُرُّنا للانتباهِ لاحتياجاتِ الآخَرينَ إن كانت جسدِيَّةً أو روحيَّةً، كونُ قانونِ ملكوتِ السّماءِ مَبنِيًّا على البذلِ والعطاءِ من خلالِ المحبةِ، مِن هنا كُلُّ مَن سينتَمِي لهذا العالَمِ ويعيشُهُ فإنّه مع الوقتِ سيبدَأُ بممارَسَةِ هذهِ الأفعالِ لا لِمَجْدٍ شخصِيٍّ أو تقليدٍ للآخَرين بل يقدِّمُها كذبائِحَ للرّبِّ تعبيرًا عنِ امتِنانِهِ ومحبتِهِ له فيجلِبُ المجدَ لصاحِبِ المجدِ حَصرًا.

 

أعرِفُ اَحَدَ الرّهبانِ الذي يسلُكُ بدقّةٍ بحَسَبِ الرّوحِ فكان ارتفاعُهُ متزامِنًا مع تواضُعِهِ ومحبَّتِهِ وخُضوعِهِ التّامِّ لمشيئَةِ الربِّ فيعيشُ قولًا وفعلًا، لم يكُن يَرغَبُ بالمراكِزِ الرَّعَوِيَّةِ بل يُفضِّلُ حياةَ الخَلوَةِ والتَّلذّذِ بالربِّ ولكنّه كانَ دومًا يقولُ "لتكُن لا إرادَتي بل إرادَتُكَ" فابتدأ الربُّ بوضعِهِ في خطِّ الارتفاعِ على كافّةِ المستوياتِ، أمّا الأمورُ الدنيويةُ التي كانت تمثِّلُ عائِقًا كبيرًا له في الخدمةِ الرّعويةِ التي دعاهُ الربُّ لها فكانَ تعامُلُ الربِّ معها مُعجِزِيًّا، فحصلَ عليها وهو مُندَهِشٌ.

 

المحبةُ وإدراكُ أهميَةِ شركةِ المؤمنينَ وعلاقتِها بالثَّمَرِ

تلاميذُ المسيحِ لديهِم مهمَّةٌ رئيسيّةٌ وهي حَصادُ ثمارِ المؤمنينَ كونُ المسيحِ المتحِدِ بِهِم هو الذي يقومُ بالغَرْسِ. تحدثَ الربُّ يسوعُ عن هذا الموضوعِ قائِلاً “ ارْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ. وَالْحَاصِدُ يَأْخُذُ أُجْرَةً وَيَجْمَعُ ثَمَرًا لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، لِكَيْ يَفْرَحَ الزَّارِعُ وَالْحَاصِدُ مَعًا. لأَنَّهُ فِي هذَا يَصْدُقُ الْقَوْلُ: إِنَّ وَاحِدًا يَزْرَعُ وَآخَرَ يَحْصُدُ. أَنَا أَرْسَلْتُكُمْ لِتَحْصُدُوا مَا لَمْ تَتْعَبُوا فِيهِ. آخَرُونَ تَعِبُوا وَأَنْتُمْ قَدْ دَخَلْتُمْ عَلَى تَعَبِهِمْ». يوحنا ٤: ٣٥-٣٨

الزّراعَةُ هي غَرسُ كلمَةِ الإنجيلِ المقدَّسِ في قلوبِ المستمعينَ، هذا هو عملُ الربِّ يسوعَ الذي قال: "اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ." متى ١٣: ٣٧ مثلما هناك أجنادُ الشرِّ الروحيّةِ تزرَعُ زُوانَ الحقلِ، من هنا نلاحِظُ دعوةَ الربِّ لنا بالحصادِ هي لأجلِ الفرحِ الأبدِيِّ بالأكاليلِ؛ الحصادُ هو تلمَذَةُ الذين سَمِعُوا وآمنوا ليكونوا مستعدِّينَ لنَوالِ المعموديةِ.

 

خُدّامُ الكلمَةِ أوُ الحاصِدونَ عليهِمُ الانتباهُ لأدواتِ الحَصادِ التي أساسُها شركةُ المؤمنينَ بمحبَّةٍ، كونُ العملِ يتِمُّ مِن خلالِ الكنيسةِ، فإن كان هناك بَغضاءٌ وانقساماتٌ بين أبناءِ تلكَ الكنيسَةِ فلن تَكونَ هناكَ فاعليّةٌ لعمَلِ الحَصادِ بل يجِبُ تنظيفُ أيّةِ أوساخٍ كانت قد عَلِقَت بذلك المنجَلِ قبلَ التّفكيرِ باستخدامِهِ، يتِمُّ هذا مِن خلالِ تجديدِ شركةِ المؤمنينَ لتكونَ بمحبَّةٍ وتواضُعٍ ونكرانِ ذاتٍ.

كيفَ تبطُلُ فاعليةُ الحَصادِ، حينَما يبدأونَ بتحسُّسِ الْجَفافِ الرّوحِيِّ بين تلك الْجَماعةِ أوِ الكنيسَةِ، لماذا؟ لأنَّ روحَ الربِّ حزينٌ مِن جَراءِ تلكَ الانقساماتِ والْبَغضاءِ وحُبِّ السُّلطَةِ، ولكن ما إن عادَت تلكَ الكنيسَةُ إلى جُذورِ الكلمَةِ المغروسَةِ في قُلوبِهِم وأدركوا مدَى الفرحِ الأبَدِيِّ المعَدِّ لهم في الملكوتِ، سيبدأون بتغييرِ أشكالِهِم مِن خِلالِ تجديدِ أذهانِهِم نحو عيشِ كلامِ الرّبِّ يسوعَ القائِلِ:

 

أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ. فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلاً فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا، كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ». متى ٢٠: ٢٥-٢٨ نكرانُ الذّاتِ يعزِّزُ المحبّةَ بشكلٍ فاعلٍ ويُفرِحُ قلبَ الربِّ فتتِمُّ شركةُ المؤمنينَ بفاعليّةٍ مثمرَةٍ.

ما الذي يحصَلُ للمعاندينَ، الرافِضينَ للتجديدِ المستمتعينِ بروحِ الانقسامِ والكراهِيَةِ، الذين قد عزلوا الربَّ وباتوا يسلُكونَ بحِكمَتِهِمِ الْجَسَدِيَّةِ الشَّيطانيةِ، هكذا كنيسةٌ أو جماعةٌ ستمُرُّ بنكساتٍ واحدةٍ تِلوَ الأخرى لحينِ إدراكِ أنَّ الحاجَةَ إلى واحِدٍ، لأنه لا يليقُ بِهِم أن يُدعُوا كنيسةً، فإن الربَّ سيقضِي ويجفِّفُ العُشبَ ومِن ثَمَّ ينفُخُ عليهِم بريحِ فَمِهِ ليقتلِعَ المفسِدينَ ويُعيدَ غَرسَ أخَرينَ قد قام بإعدادِهِم ليحقِّقُوا إرادَتَهُ الصَّالِحَةَ لذلكَ الحَصادِ.

 

الخبرُ الْجَميلُ أنَّ الربَّ ساهِرٌ على كنيستِهِ، ولِكونِهِ لا يَكِلُّ ولا يَعيَا فإنَّ النّصرَ مؤكّدٌ على إبليسَ وأعوانِهِ لكي يفرحَ الزّارِعُ والحاصِدُ مَعًا وتكونَ كنيسةً مجيدَةً، لا دَنَسٌ فيها ولا غَضَنٌ أو شيءٌ مِن مِثلِ ذلِكَ، بل تكونُ مقدّسَةً وبلا عَيبٍ. افسس ٥: ٢٧ لذلكَ هو عمَلُهُ حصرًا وما على أبناءِ الكنيسةِ الذين يتحسَّسونَ الْجَفافَ إلّا الثقةُ بالربِّ أكثرَ بالأصوامِ والابتهالاتِ لكي يُسرِعَ في إتمام عمليَّتِهِ الْجِراحِيَّةِ.

انتظار توقيتاتِ الربِّ ورعايَةِ الأمانةِ أثناءَ الثّمَرِ

بعد إعادة تهيِئَةِ هكذا كنيسَةٍ وغرسِ أشخاصٍ مملوئينَ بروحِ الربِّ فإنهم سيبدأونَ بقطفِ ثمارِ تلكَ الكنيسَةِ وتسويقِها للعالَمِ أجمَعَ لتكونَ سببَ بركَةٍ وتمجيدٍ لاسْمِ الآبِ فيفرحُ قلبُ الربِّ كونُهُم تاجَرُوا بإخلاصٍ كجماعَةٍ، ولكنَّ كلَّ هذه النتائجِ المميَّزَةِ تتِمُّ بحسَبِ توقيتاتِ الربِّ والانقيادِ الكامِلِ لمشيئتِهِ.

 

الانتظارُ والصبرُ هي ثمارُ الطاعةِ وهي من الصّفاتِ التي يصقُلُها اللهُ في كِيانِنا ليوصِلَنا لفكرِ المسيحِ الذي إذ وُجِدَ في الهيأةِ كإنسانٍ، وضَعَ نفسَهُ وأطاعَ حتى الموتِ موتَ الصليبِ. فيلبي ٢: ٨ ولكنْ لماذا يسهَرُ اللهُ على تغييرِنا؟ لأنّهُ يرغَبُ بتكريمِنا فنفرحَ معَهُ وهو يستعرِضُ لنا أمجادَ الملكوتِ.

هل نجلِسُ مِن دونِ عملٍ ونحنُ ننتظِرُ؟ كلّا بل دومًا هناك أمانَةٌ يكلّفُنَا اللهُ بها ويرغَبُ لنا بِرِعايَتِها ونحن ننتظرُ توقيتاتِ الربِّ. فالخُدّامُ الذينَ ينتظرونَ تكليفَ اللهِ لهم في إحداثِ تغييرٍ إيجابِيٍّ في كنيسَتِهِ سيجدونَ أنفُسَهُم يرعَونَ أماناتٍ صغيرةً تَصُبُّ في مَرحَلَةِ إعدادِهِم للمُهِمَّةِ الكُبرى. يوسفُ ابنُ يعقوبَ اختَبَرَ هذا الشيءَ وهو يسيرُ نحو الاستخدامِ الأعظمِ لأنْ يُصبِحَ ثاني أعظمَ مُتَسَلِّطٍ على مِصرَ فنلاحظُهُ كانَ يرعى أمانةَ العفَّةِ والنّقاءِ، أمانةَ الإخلاصِ لسيّدِهِ وأمانَةَ الإبقاءِ على علاقَتِهِ الحميمَةِ مع الربِّ.

 

ما الذي يحصَلُ حينما نستعجِلُ الثَّمَرَ؟ الاستعجالُ يقودُ لقطفِ ثمارٍ لم تنضُجْ بعدُ لذلك طعمُها لن يكونَ لذيذًا وبالتالي لن تُسَوَّقَ بشكلٍ صحيحٍ فيكونُ هناك هَدْرٌ كبيرُ، لذلك علينا بالنّظَرِ للثِّمارِ لا مِن وَجهَةِ نظرِنا بل توجيهِها إلى الله الآبِ الذي قال عنه الربُّ يسوعُ المسيحُ: "أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ." يوحنا ١٥: ١-٢

لذلك، الصبرُ وانتظارُ توقيتاتِ الربِّ يُفرِحُ قلبَ الآبِ السّاهِرِ على تنقيةِ كنيستِهِ، جسَدِ المسيحِ، من خلالِ اقتلاعِ الغيرِ المثمِرينَ الذين يُعيقونَ نُمُوَّ الكنيسَةِ وتنقِيَةَ كُلِّ مَن ابتدأَ بإظهارِ ثمارِ الرّوحِ لغرضِ جَلبِ ثمارٍ أكثرَ. هذا الشيءُ اختبرَتْهُ كنيسةُ العهدِ القديمِ في البرّيّةِ حيثُ كان اللهُ يعزِلُ غيرَ المثمِرينَ بشكلٍ متواصِلٍ لغرَضِ تقوِيَةِ كنيسَتِهِ وجعلِها جاهِزَةً للمرحَلَةِ القادِمَةِ لأنَّ اللهَ لا يرغَبُ لكنيسَتِهِ الدّورانَ في البريّةِ بلِ السّيرَ وراءَهُ لأمجادٍ لا تَزولُ.

 

في أحيانٍ كثيرةٍ لا يستطيعُ المؤمنُ رؤيةَ الخشبَةِ التي في عينِهِ والتي هي عائِقٌ كبيرٌ لثمَرِهِ الرّوحِيِّ. قبل أيّامٍ كنتُ أصلّي مع احَدِ المؤمنينَ الذي يمُرُّ بمرحلَةٍ صعبَةٍ مع شريكِ حياتِهِ الذي كان قد غَضَبَ عليهِ ولا يرغَبُ بالحديثِ معَهُ. في نفسِ الوقتِ أجِدُ الشّخصَ الذي كانَ يُصَلّي مَعِي يُظهِرُ أشواقًا لكي يَستَثمِرَ اللهُ ثمارَهُ الرّوحيّةَ، أثناءَ صلاتِنا جعلني الربُّ أصلّي من أجلِ نقائِنا نحنُ وليس إدانَةِ الآخَرين.

بعدَ أيّامٍ ذهبَ ذلك المؤمِنُ لكنيسَتِهِ المحليّةِ فسمِعَ نفسَ الرِّسالةِ مِن راعِي الكنيسَةِ فتذكَّرَ للحينِ الخطأَ الذي صَنَعهُ مع شريكِ حياتِهِ فقادَهُ للنّدَمِ وطلبِ الغُفرانِ منَ اللهِ، وذلكَ الشّريكُ في نفسِ ذلكَ اليومِ فتحَ الربُّ مجالَ خدمَةٍ روحيّةٍ لهذا الشّخصِ ليخدِمَ في كنيستِهِ فيُصبِحَ سببَ بركَةٍ للكثيرين ويستطيعَ تسويقَ ثمارِهِ الرّوحيّةِ فيفرحُ دومًا مع الكَرّامِ.

أصلّي أن يكونَ تأمّلُنا سببَ بركَةٍ لحياتِكُم والكثيرينَ، ودُمتُم في أمجادِ الملكوتِ