بمن أطمئنانك؟ - بقلم ليث مقادسي
كيف يمكن العيش بسكينة وسط العواصف؟ هل تمر بعاصفة صحية حيث لا رجاء من الشفاء؟ ام تمر بأزمة اقتصادية حادة وتشعر ان الله قد تركك؟ ام تمر بأزمة عاطفية او عائلية وصلت الى مفترق طرق قد يقود الى الانقسام؟ ام انك قد وصلت الى حالة اليأس وابليس اقنعك بانك لن تنفع لشئ؟ ام فقدت شخص عزيز على قلبك؟ ام اطمئنانك برصيدك في البنك؟
هذه نماذج للذي يمكن ان يحدث لكل انسان مهما كانت درجة قربه من الرب, فهي للمؤمن امتحان ومرحلة تنقية ونمو روحي ولغير المؤمن صفعة ليعود ويطلب الرب ولكن في كلا الحالتين فان الرب هو المسيطر على الاحداث اذ ان كل شئ يحصل بسماح منه.
كيف يمكن لي الاطمئنان وانا امر بحالة صحية معقدة حالة الشفاء منها تكون بمعجزة؟ فهل ايأس؟ نقرأ في الكتاب المقدس كيف ان الرب يسوع شفى الكثيرين ولكن علامة شفاء هؤلاء هو ايمانهم, نقرأ قصة المرأة المحلولة في انجيل لوقا:
وكان يعلم في احد المجامع في السبت. واذا امراة كان بها روح ضعف ثماني عشرة سنة وكانت منحنية ولم تقدر ان تنتصب البتة. فلما راها يسوع دعاها وقال لها يا امراة انك محلولة من ضعفك. ووضع عليها يديه ففي الحال استقامت ومجدت الله. لوقا 13: 10-13
لاحظ المرأة كان لها اطمئنان بانها ستشفى في يوم من الايام لذلك هي لم تأتي وتتوسل ليسوع ليشفيها بل كانت مواظبة على حضور المجامع للصلاة وهي متأكدة بانها ستشفى ولم تكن متشائمة والدليل انها كانت واثقة بالله فهي لم تعتقد كما اعتقد اخرون بان يسوع يخرج الشياطين ببعل زبول بل مباشرة مجدت الله, الم يكن الشيطان يوسوس في عقلها بانها لن تشفى ابدا؟, الم يكن يوسوس بانها خاطئة لذلك حصل بها كل هذا؟ حيث لثماني عشرة سنة لم يتركها ابليس وهو يصارع ايمانها اذ ان الرب يسوع وصفها بانها مربوطة من الشيطان! ولكنها كانت اقوى منه بالتمسك بالكلمة والوعظ والصلاة هكذا ايمان يطلب الرب من خائفيه.
يسأل احدهم بانه يمر بحالة اقتصادية عقيمة ويشعر بالفشل وانه متشائم جدا بان الامور سارت بطريق اللاعودة فهل اعتمد على بعض الاغنياء بأن انشئ علاقة معهم بقصد الغنى؟
يرد داود النبي بالقول "الاحتماء بالرب خير من التوكل على انسان" مز 118: 8 ولكن كيف احتمي بالرب وانا ارى جميع الطرق مغلقة؟ لو تمعنا بالكتاب المقدس سنلاحظ عشرات القصص التي تشرح كيفية تعامل الله مع الاحداث اذ ان العمل يتم باصبع الله بعد ان نكون متيقنين, مؤمنين وصابرين. اليقين هو مواجهة وساوس ابليس بالرد عليه بان الله سيتدخل لصالحي في الوقت المناسب هذا الرد يجب ان يكون قوي وبأسم الرب يسوع طبعا هذا لن يتم بالقول فقط بل ممتزج بأيمان عميق حيث بعد الانتظار بصبر المؤمنين سنجد يد الرب تتدخل وتقلب الحال من فقر مقفع الى غنى بوفره ليعوض كل ما فات وهذا ما حصل مع ايوب الذي كافأه الرب ضعف ما خسر.
و لكن ماذا ان فقدت شخص عزيز على قلبي, اين هي حكمة الله في ذلك؟ ولماذا هذه التجرية التي لا تحتمل؟
غاية الله منذ البدء والى الازل هي خلاص النفوس ولكن النفوس انواع منها العارفة طريق الرب ومنها من تعتقد انها عارفة ولكن بالحقيقة هي تسير نحو الهاوية كما حدث مع يوشيا الملك الذي يخبرنا الكتاب في سفر الملوك الثاني اصحاح 22 بأن اعماله كانت ترضي الرب ولكن حسب ما كان يتوقع وليس حسب سفر الشريعة, لذلك عندما وجدوا سفر الشريعة بالصدفة وقرأوه امام يوشيا الملك مزق ثيابه وبكى وطلب صوت الرب الذي لم يتوانى بان يخبره بان غضب الرب يجب ان يتم على فجور الشعب, فهل نرجع للرب بعد العاصفة؟ فقدان شخص عزيز له معاني كثيرة بعين الرب حيث ان افكار الرب تختلف عن افكارنا ولكن في جميع الاحوال فهو يريد لنا الخير لا الشر, في حينها ستسود الدنيا بعيننا ولا نستطيع ان نرى هذا الخير ولكن ان تمسكنا به فهو امين وعادل ليرينا قصده من كل ما حصل معنا حيث هو يطلب الاحتماء به والاتكال عليه وليس على انسان يموت.
ماذا عن الغني وهل الله يكره الاغنياء؟
بالحقيقة الله يحب الجميع ولا يكره انسان ولكنه كقدوس يرفض ويغضب على اعمال الانسان, هناك نوعين من الاغنياء الاول مؤمن بالله والاخر مؤمن بماله, ماذا يعني هذا الكلام؟
الغني المؤمن بالله يدرك ان كل ما لديه هو من عند الله وهي وديعة لتستخدم لاعمال البر وان الله قادر ان يأخذها منه في اي وقت لذلك هو لا يهتم بها بل خوفه واهتمامه بالرب فقط, اي عندما يشعر انه سيفقد عمله لا يجلس ويحسب ما عنده في البنك ويقول انا مطمئن لان الذي عندي يكفيني لاعيش بنفس المستوى لفترة معينة دون الحاجة لاحد, بل يقول بان اتكاله بالكامل على الرب وهو الوحيد الذي لن يجعله محتاج لشئ.
العكس هو مع المؤمن بماله هذا الفعل الذي لا يحبه الرب حيث يجعل كل اطمئنانه برصيده البنكي ويسعى جاهدا بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة لتكثير وتعظيم هذا الرصيد ليزيد اطمئنانه اكثر فيكون قد كنز مبالغ كبيرة واضاع حياته بالبحث عنها وبالتالي يوم وفاته لن يأخذ منها شئ ويكون قد خسر العمل بالوزنة التي اعدها الله له ليسلك بها وهو على الارض, فهل سيكون الله فرحانا بهكذا مصير للمفديين بدم المسيح؟ كلا الله افتدانا ووجد لنا طريق عظيم لنسلك به وهو وعد بأن يؤمن لنا كل احتياجاتنا الدنيوية ما دمنا سائرين معه حيث يقول " وقال لتلاميذه.من اجل هذا اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون ولا للجسد بما تلبسون. الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس. تاملوا الغربان. انها لا تزرع ولا تحصد وليس لها مخدع ولا مخزن والله يقيتها. كم انتم بالحري افضل من الطيور. ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة. فان كنتم لا تقدرون ولا على الاصغر فلماذا تهتمون بالبواقي. تاملوا الزنابق كيف تنمو. لا تتعب ولا تغزل. ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا فكم بالحري يلبسكم انتم يا قليلي الايمان. فلا تطلبوا انتم ما تاكلون وما تشربون ولا تقلقوا. فان هذه كلها تطلبها امم العالم. واما انتم فابوكم يعلم انكم تحتاجون الى هذه. بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم" لوقا 12: 22-31
لذلك ضع اطمئنانك بالكامل بعناية الرب واحتمي به وليكن هو ترسك وعونك في كل حين, انموا بالروح من خلال الكلمة واطلب ارشاده هو وحده ولتكن علاقتك الشخصية معه قوية جدا, يسمعك صوته ويريك عظائمه وبالتالي تكون معه عندما ينتهي العمل بوزنتك على هذه الارض.