فضل الرهبنة على الكنيسة

 

1 من الناحية الروحية: وهذا أول جانب حمل لواءه الآباء والرهبان، إذ هو رسالتهم الأولى ولعل من أوضح وأبرز معالم هذا الجانب حياة (القدوة والصلاة) وقد تخطت حياة القدوة هذه حدود الإقليم المصري فنجد أن الكثير من الغرب قد جاءوا إلى مصر وتتلمذوا على يد الآباء الرهبان، ثم نقلوا ذلك إلى الغرب، ويكفى أن سيرة راهب واحد وهو الأنبا أنطونيوس التي دونها البابا أثناسيوس الرسولي في منفاه كانت سببًا في إشعال الرغبة النسكية في غرب أوروبا وكانت سببا في توبة كثيرين (القديس أغسطينوس).

* أما الصلاة فإنه بسبب صلواتهم حفظ الله المسيحية إلى اليوم في مصر، وأنقذها من كافة المضايقات والاضطهادات.

2 من الناحية الإيمانية والعقيدية: لم يكن الآباء البطاركة والأساقفة هم وحدهم الذين يدافعون عن الإيمان، ولكن آباء البرية كان لهم دورًا بارزًا في ذلك، فالأنبا أنطونيوس لم يخرج من البرية إلا مرتين فقط مرة سنة 311 م. أثناء الاضطهاد ومرة أخرى سنة 338 م. لمساندة الأنبا أثناسيوس ضد الأريوسية.

* القديس الأنبا أغاثون يضرب لنا مثلًا يوضح حرصه على سلامة الإيمان من الهرطقة والبدع. حيث جاء إليه قوم وسألوه: أنت أغاثون المتعظم؟ قال لهم، فقالوا له أنت أغاثون المهزار؟ فقال نعم أنا هو، فقالوا له أنت أغاثون الهرطوقي؟ اجبا حاشا أنى لست هرطوقيًا، لما سألوه لماذا أهملت كل ما قلناه ولم تحتمل هذه الكلمة، أجابهم قائلًا: أن جميع ما تكلمتم به على قد اعتبرته ربحًا ومنفعة إلا الهرطقة لأنها تبعدني عن الله وأنا لا أشاء أن أبتعد عنه.

* كذلك نجد أن الأنبا شنودة رئيس المتوحدين ترك خلوته، ورافق البابا كيرلس الكبير سنة 1431 إلى مجمع أفسس.

* وعندما حاول الملك هرقل البيزنطى (631-641 م.) إجبار الرهبان على الاعتراف بمجمع خلقدونية. طومس لاون في برية شيهيت قام الأنبا صموئيل المعترف وحرم هذه المعتقدات ومزق طومس لاون ولذلك تعرض لأخطار شديدة وخلع أحد عينيه.

3 تراث الآباء الرهبان: أن الآباء الرهبان لهم تراث عظيم وغير محدود من جهة أقوالهم النافعة في كافة المجالات وكذلك فقد كان لهم فطاحل في شتى العلوم الدينية واللاهوتية وقد تركوا لنا تراثًا عظيمًا من الكتب والمحفوظات.

4 من الناحية الرعوية: كانت البرية دائمًا هي السند للكنيسة والنبع الذي يمد الكنيسة بآبائها البطاركة والأساقفة، فقد كانت الكنيسة تختار راعيها من آباء البرية وكذلك الآباء الأساقفة فالأنبا أثناسيوس هو الذي اختار سرابيون صديقه ليكون أسقفًا، والبابا كيرلس عمود الدين تتلمذ على يد سرابيون، ثم بعد ذلك صار لابد أن يكون البطريرك من آباء البرية لما يتمتع به آباء البرية من قوة في الروحانية والإفراز