عبرانيين 5-11
اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَأمِعِ."
كان موضوع ملكى صادق يمثل لليهود لغزا لم يستطيعوا فهمه أبدا. فمن هو ملكى صادق وكيف يبارك إبراهيم أبو الآباء ومن اين أتى وكيف يعطيه إبراهيم العشور.
هنا وقفة مع العبرانيين الذين يريدون الارتداد للناموس. وهي وقفة عتاب. فبعد أن قدم لهم كل ما عمل المسيح لأجلهم يعقد هنا مقارنة بين نمو الجسد ونمو الإنسان الروحي ويصور هؤلاء العبرانيين بالأطفال غير الناضجين. وبسبب حالتهم الروحية صارت الحقائق الواضحة مثل موضوع ملكى صادق عسرة الفهم. أما لو كانت النفس سليمة يصير لها كل شيء سهلاً مثل من له معدة قوية يستطيع بها أن يهضم أي طعام. فالله في معاملاته معنا يبدأ بالتدريج عمله لننمو ، ولو تجاوبنا مع الله نصل لحالة النضج في الإيمان، فنُستأمن على أسرار النعمة. ولكن لو إستهنا بكلمة الله ترجع كلمة الله فارغة دون ثمار ويرتد الإنسان كطفل روحي. وكما لو حاولت الأم إطعام طفلها بطعام دسم لا يقبله، هكذا الأطفال الروحيين لا يقبلون الكلام العالى. وبالنسبة للرسول كان سهلاً عليه أن يقارن بين المسيح وموسى، والمسيح ويشوع ولكنه وصل الآن لموضوع كهنوت المسيح الأبدي وتصور حال هؤلاء الأطفال روحياً وكيف أنهم لن يستسيغوا هذا الكلام بسبب عجزهم الروحي فهم يريدون الارتداد عن المسيحية. وبولس له كلام كثير يقوله عن كهنوت ملكى صادق ولكن إذ هم متباطئى المسامع أصبحوا لا يدركون.
من كتاب اليهودي المتنصر إدرشيم: حاول الربيين اليهود محاولات عديدة لفهم قصة ملكى صادق. وكان لهم عدة تفسيرات وما ذكره إدرشيم منها هذا التفسير:- أن الله سلَّم آدم كهنوت ذبيحة الخبز والخمر. وسلمها آدم لمن بعده حتى وصلت إلى نوح، وسلمها نوح لإبنه سام. وظل سام حياً وكان هو ملكى صادق نفسه. وتقابل مع إبراهيم فسلمه كهنوت ذبيحة الخبز والخمر، ثم وصل هذا السر إلى موسى. ولكن حرم الله اليهود من كهنوت الخبز والخمر بسبب خطيتهم في موضوع العجل الذهبى في سيناء، وفرض عليهم الكهنوت الهارونى - كهنوت الذبائح الحيوانية الدموية. وقالوا حينما يأتي المسيا المنتظر سيعيد كهنوت الخبز والخمر.
وواضح من القصة أن بها أخطاء، ولكن بها فكر صحيح أيضا، واضح أنه بوحى من الله. ومن الأخطاء أن الله سلَّم آدم كهنوت الخبز والخمر، فالله هو الذي كسا آدم وحواء بجلد ذبيحة دموية. ورفض تقدمة قايين غير الدموية، بينما قبلت ذبيحة هابيل الدموية. وأيضا ما الذي غيَّر اسم سام إلى ملكى صادق؟! ولماذا لم تذكر التوراة أن سام هو ملكى صادق؟! ولكن كانت هذه محاولة منهم لتبرير أن يبارك أحد إبراهيم أبو الآباء فلجأوا لهذا الحل، لأن سام هو أبو الجنس اليهودي كله. أما فكرة كهنوت الخبز والخمر التي يأتي بها المسيا، فواضح أنه وحى من الله ليُعِّد أذهان اليهود لقبول هذا الكهنوت الجديد، أوحى به الله لأحد أبائهم وكان يستحق أن يوحى له الله بهذا.
المصدر: موقع الانبا تكلا