عبرانيين 9: 13-14

لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ!."

دَمُ ثِيرَانٍ = هذا يقدم عن خطايا رئيس الكهنة (لا16: 14، 16). وَتُيُوسٍ = دم التيوس يقدم عن جهالات الشعب. وَرَمَادُ عِجْلَةٍ راجع فريضة البقرة الحمراء (عدد 19) وهذا الرماد يستخدمونه لتطهير مَنْ تلامس مع نجاسة ميت (هناك معادلة نستنتجها من الكتاب أن الخطية = موت ولكي يشرحها الناموس قال أن من يتلامس مع جثة يتنجس رمزا لنجاسة النفس إذا تلامست مع خطية، فالموت نتيجة للخطية). كل هذه التطهيرات تؤدي لطهارة الجسد فقط حتى يستطيعوا الاشتراك في الخدمة. وتعبير طهارة الجسد يعني به غفران الخطية والتطهير من الخارج لكن الضمير ما زال ملوثا مثقلا بحب الخطية.

فكم بالحري دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ = أي الله، فالله روح. هنا نرى لاهوت المسيح الذي أعطى لجسده الإمكانيات اللانهائية لغفران خطايا كل المؤمنين الثابتين فيه عبر الأزمان. ولأنه روح حي أزلي فلاهوته الغير محدود متحد بناسوته، فبموت المسيح تصالحنا مع الآب وغفرت خطايانا إذ قدم كفارة لا نهائية، وبقيامة المسيح صارت لنا حياة أبدية (رو5: 10). والدم يرمز للحياة. وقوة الحياة التي في المسيح هي قوة حياة أزلية، وهذه القوة تحيى من الموت وتحيى من موت الخطية فتهبنا الضمير الروحي الجديد الرافض للخطية. وهنا يضع الرسول عبارة روح أزلي في مقابل طبيعة الذبائح التي كانت تقدم في العهد القديم، فهذه كانت لها طبيعة أرضية فانية ميتة، أما المسيح فله طبيعة روحية سرمدية لانهائية. وهذا ما يعطي لتقدمته قيمتها ويجعلها أفضل من التقدمات الحيوانية. قَدَّمَ نَفْسَهُ = وهذه تشير لفعله الإرادي الحر. وهو قدم نفسه دون أن يكون فيه نقص أو عيب. يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ = من أعمال الخطية التي تحمل الموت للنفوس = طهارة الضمير تعني رفض وكراهية الخطية من الداخل، وهذه كانت مستحيلة على الذبائح الحيوانية. وهكذا نستطيع أن نعبد الله الحي بفرح. فإذن كما كانت طهارة الجسد في العهد القديم تبيح للإنسان أن يشترك في العبادة بعد أن يتخلص من النجاسات، فهكذا أيضًا المسيح يخلصنا من كل نجاسة الخطية ويطهر نفوسنا وضمائرنا، فيجعلنا مستحقين للاشتراك في عبادته وخدمته = لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ.

دم المسيح يطهر الداخل فلا نريد الخطية ونشتهيها داخليًا، عكس تطهير الجسد الذي اكتفى بتطهير خارجي ولكن الشهوة الخاطئة استمرت تعذب الضمير.

 

المصدر: موقع الانبا تكلا