عبرانيين 11: 1-2
وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى. 2فَإِنَّهُ فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ
إن كان الإنسان قد سقط من دائرة الوجود مع الله وتغرب عن وطنه السعيد في أرض شقائه، وصار الله بالنسبة للإنسان إله محتجب (إش45: 15)، فلا أحد يراه ولا أحد يرى مجده. إلا أن الله وضع في قلب كل إنسان بذرة إيمان فظل مرتبطًا بذلك الوجود الأسمى غير المنظور والقوي الذي يرسل الخيرات فينسب له الخير، في داخله حنين العودة إليه، وكان الله يغذي هذا الشعور بوعوده الصادقة. فتربت في قراره نفسه أحاسيس الإيمان بالله الذي يهبه الخيرات، الإيمان بما يترجاه أو يتمناه والإيمان بصدق الله. حتى الشعوب الوثنية التي ما عادت تعرف الله وخدعها الشيطان صوروا آلهة لهم، فهناك من فهم أن الشمس هي الله فهي مصدر خير للبشر، وهناك من خاف من النار فعبدها ليتقي شرها فلا تؤذيه. لكن كان لكل إنسان في داخله إيمان بإله، البعض عرفوه والبعض تخيلوه وصوروه.
الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى = نسمع المرتل يقول "ارجعي يا نفسي إلى راحتك لان الرب قد أحسن إليك" (مز116: 7، 8) + "وبعد أن يفنى جلدي هذا وبدون جسدي أرى الله. الذي أراه أنا لنفسي وعيناي تنظران وليس آخر. إلى ذلك تتوق كليتاي في جوفي" (أي 19: 26، 27) فالإنسان يحلم بالعودة إلى مكان راحته ويترجاه. هذا عن الاشتياقات، لكن الإيمان هو أن يكون الإنسان واثقا من وجود الله ومجازاته في الأبدية للأبرار بحياة أبدية يرجوها وخيرات أبدية ينتظرها.
الإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى = الإيمان هو الثقة بالمقدسات الإلهية غير المنظورة كحقائق واقعة وحاضرة، فيحيا الإنسان في يقين من جهة الأمور غير المنظورة ولا ملموسة بالحواس. هو رؤية واضحة للأمور وتأكد كامل من جهة غير المنظورات كأنها من المنظورات. ومن غير المنظورات مثلًا أمجاد السموات.
فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ = هم وثقوا فيما ترجوه من الله من جهة الحياة القادمة ووثقوا في وعوده بالرغم من أنهم لم ينظروها (11: 13، 16).
والإيمان يبدأ صغيرًا ويظل ينمو، الله ينميه إلى أن يثق المؤمن في وعود الله تمامًا. فمثلًا السماويات وأمجاد السماويات هي أشياء غير منظورة ولكن الروح القدس يعلنها للإنسان قليلًا قليلًا (1كو2: 9، 10، 12) + (1تس3: 10) + (2تس1: 3).
المصدر: موقع الانبا تكلا