تكوين 1: 6-8

وقال الله ليكن جلد في وسط المياه وليكن فاصلًا بين مياه ومياه. فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد وكان كذلك. ودعا الله الجلد سماء وكان مساء وكان صباح يومًا ثانيًا

اليوم الثاني

 الجلد:

الكلمة العبرية هي "رقيع" وتعنى أي شيء مبسوط وممتد (أش 22:40).

وتشير الكلمة لغطاء ممتد أو خيمة مبسوطة. والكلمة اللاتينية Firmamentum والإنجليزية  Firmamentوتعنى "دعامة" أو "أساس ثابت" (ربما من نفس مصدر كلمة Firm أي ثابت ومتين). معنى الكلمة جَلَدْ في العربية = حينما يقال أن شخصا تجَلَّدْ فهذا يعنى الصَّبْرَ، القُوَّةَ، الاسْتِمَاتَةَ والتَحَمُّلْ والصمود. وبهذا يصبح الجلد إشارة لطبقة الهواء التي تتحمل حمل السحب فوقها دون أن تتمزق. وهناك جلد السماء (تك1: 14) وهو القبة الزرقاء التي تحمل الكواكب (جوجل).

والقديس باسيليوس فسر كلمة جلد بأن الهواء هو جسم له صلابة (أي كثافة وشدة) فيستطيع أن يحمل السحاب فوقه. إذن الجلد هو الجو المحيط بالأرض. ونرى هنا أن موسى لم يأخذ بالرأي القديم أن الهواء هو فراغ وعدم فموسى لا يردد ما يسمعه من الناس بل من الروح القدس. والجلد إذن هو سماء الطيور، وليس سماء الكواكب. وطريقة تحقيق ذلك كانت بأن الأرض كانت في غليان مستمر وبخار فكانت محاطة بغلاف بخارى كثيف. وفي الفترة بين اليوم الأول والثاني أي الحقبة الأولى والثانية أخذت درجة الحرارة تهبط، وبالتالي هدأ البخار وبدأ الجو يصير صحوًا. أما تسمية الجلد سماء فذلك من قبيل إطلاق الكلمة على ما هو سام ومرتفع.

 

كيف تكون الجلد

كان جو الأرض مدفونًا تحت سطحها. وتشمل خاماته الأولية والمواد الطيارة الحبيسة في البلورات أو الداخلة في تركيب الجزيئات الثقيلة في الأيام الأولي لتكوينها.. وكل هذه الخامات تحررت من البراكين مع الرماد والحمم وتحررت من الينابيع والنافورات مع مائها وأملاحها وغازاتها.. وهكذا تكون جو الأرض بعد أن هدأت الغيوم وخرجت الغازات.

المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد:

هنا قدم المياه التي تحت لأنها الأصل والمنشأ لما فوق وهذا الجلد يفصل ما بين المياه التي من فوق أي السحب، والمياه التي من أسفل أي البحار وقد حمل هذا مفهومًا روحيًا. فحينما يستنير الإنسان (بعمل نور المعمودية - اليوم الأول) عليه أن يحمل داخله الجلد الذي يفصل بين مياه ومياه فيتقبل مياه الروح القدس العلوية واهبة الحياة (يو 14:4) ويسمو فوق المياه التي هي أسفل، مياه البحر المالحة التي من يشرب منها يعطش أكثر. وإذ يرتبط المؤمن بالمياه العليا التي هي فوق في السماوات يصير سماويًا، ويطلب الأمور المرتفعة العلوية، فلا يكون له فكر أرضى بل سماوي (كو1:3) ونلاحظ أنه لم يقل هنا أنه حسن. ولعل هذا راجع أن السماء لم تكن قد اكتملت زينتها بالكواكب والنجوم أو لأن عمل اليوم الثاني والثالث كان متصل حيث إجتمعت المياه معًا في اليوم الثالث ولما تم العمل قال إنه حسن في اليوم الثالث. وهناك رأى يقول أن اليهود كانوا ينظرون إلى الهواء كمسكن للشياطينحين طردهم الله من السماء. وأكد بولس الرسول هذا المعنى وأطلق على الشيطان رئيس سلطان الهواء (أف2:2) فهو يثير الهواء، والهواء بدوره يثير البحر (والبحر يرمز للعالم) وهكذا أثار الشيطان الجميع على السيد المسيح فصلبوه. وراجع (مت14: 24). وبهذا المفهوم لم يقل هنا أنه حسن فالجلد مسكن الشيطان. لذلك فحين علق المسيح على الصليب حاربهم في عرينهم. ولذلك قال بولس الرسول "سنخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء" (1تس 17:4) فإن كانت الشياطين تقطن الهواء، فالرب قد غلبهم في عرينهم وسيحملنا في ذات الموضع كأبناء الميراث عوضًا أن كنا أبناء المعصية. والهواء يشير لخروج النفس من الجسد خلال الموت لتنطلق في الهواء. وبعد أن كانت النفس قبل المسيح تنطلق من الجسد فتجد الشياطين تحاصرها في الهواء، أصبحت تقابل الرب في الهواء.

 

 المصدر: موقع الانبا تكلا