كولوسي 1: 18-19

 وهو راس الجسد الكنيسة الذي هو البداءة بكر من الاموات لكي يكون هو متقدما في كل شيء. لأنه فيه سر أن يحل كل الملء.

 

رأس الجسد = أشار الرسول فيما سبق لأمجاد المسيح في الخليقة الأولى. 

 

وهنا يشير لأمجاده في الخليقة الثانية وهذه أعظم فهي كلَّفته تجسده وموته وقيامته، وهو بعد قيامته صار رأسًا للجسد الذي هو الكنيسة.

 

آدم كان رأس الخليقة القديمة فقد خرجت حواء منه والأولاد منهما أي منه، فالعالم الموجود كله منذ آدم هو من جسد آدم ولكنه جسد ميت لأن رأس الجسد ميت وهو آدم. وجاء المسيح بجسدنا الإنساني ليميت الخليقة العتيقة المأخوذة من آدم ويقوم بحياة جديدة أبدية، وكل من يعتمد يثبت في جسد المسيح هذا فصار المسيح رأسا لهذا الجسد الحي الذي هو الكنيسة. وصرنا نحن ننتمي لهذا الجسد بالمعمودية. وكما كانت حواء أمًا للجسد الميت، صارت أمنا العذراء القديسة مريم أمًا للجسد الحي أي الكنيسة، وهذا معنى قول الرب يسوع على الصليب للقديس يوحنا "هوذا أمك" (يو19 : 26).

 

وكما أن العالم بدايته واستمراره وإعتماده ووجوده ونظامه في المسيح، هكذا الكنيسة بدايتها واستمرارها وحياتها الأبدية هي فيه، وقوة قيامته هي قوة وحياة وثبات الكنيسة.

 

البكر من الأموات = هناك أموات قاموا قبل المسيح لكنهم ماتوا ثانية، وهم قاموا بجسد مثل جسدنا هذا ولم يدخلوا المجد. أما المسيح فهو قام بجسد مُمَجَّد لا يمكن أن يموت ثانية ودخل المجد بجسده هذا، وهو علة قيامة الجميع.

 

لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ = الابن هو الذي بدأ الخليقة الأولى، "كل شيء به كان" وفي الإنجليزية "All things were made through Him". ولما انفصل الإنسان بالخطية عن الله ومات، تجسد الابن وقدم الفداء. وبدأ المسيح الخليقة الثانية الجديدة، وصار رأسا لها "إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5 : 17). وهو الذي قام أولًا من الأموات بحياة أبدية غير قابلة للموت ثانية. هو أول من قام بجسد ممجد، وصار أول من يدخل إلى المجد بجسد إنساني، ليصير سابقا لنا "حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا، صائرا على رتبة ملكي صادق" (عب6 : 20).

 

وهو متقدمًا في كل شيء بالنسبة لبقية البشر، فلم ولن يوجد إنسانًا مثله في قداسته، فهو بلا خطية (يو8 : 46)، أما عن البشر فيقول بولس الرسول "إنه ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد" (رو3 : 11 ، 12). وفي محبته التي وصلت للفداء "ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15 : 13)، وفي غفرانه ومسامحته "ولا أنا أدينك، إذهبي ولا تخطئي أيضًا" (يو8 : 11)، وفي وداعته وتواضعه ولذة عشرته (يو6 : 69). هو كما قالت عنه عروس النشيد "مُعْلَمٌ (يسهل تمييزه) بين ربوة (10000) ... حلقه حلاوة وكله مشتهيات" (نش5 : 10 – 16).

 

متقدمًا في كل شيء = قال عنه اليهود  "فبهتوا من تعليمه لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة" (مر1 : 22) وأيضًا "فتحيروا كلهم حتى سأل بعضهم بعضا قائلين: «ما هذا؟ ما هو هذا التعليم الجديد؟ لأنه بسلطان يأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه" (مر1 : 27). وهو صار أول بشر يتمجد بجسده الإنساني، أول جسد إنساني يدخل إلى المجد ويجلس عن يمين أبيه.

 

لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ = كانت هذه محل سرور الآب أن يحل في المسيح كل الملء وهذا لحساب الكنيسة، فكل حكمة وكل قوة، وكل ما نحصل عليه هو من إمتلائه هو.

 

يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ = هذه تشير لإتحاد اللاهوت بالناسوت، بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. (أنظر تفسير الآيات 2: 9، 10). فهو الله الذي ظهر في الجسد (1تى 16:3) + (يو1:1–3). وهذا لا يعني أن جسد المسيح كان يُحِّد عمل اللاهوت في قوته المطلقة في العمل لتجديد الإنسان والكون. وكلمة يحل تعني حلولًا دائمًا لكل الصفات الإلهية في جسد المسيح. إذًا هو ليس أحد الإنبثاقات كما قال الغنوسيون، بل هو الله نفسه. صار للمسيح ملء النعمة بجسده ومنه نغترف ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا نعمة فوق نعمة (يو16:1).

 

 المصدر: موقع الانبا تكلا