فيلبي 1: 12-14
ثم أريد أن تعلموا أيها الإخوة أن أموري قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل. حتى أن وثقي صارت ظاهرة في المسيح في كل دار الولاية وفي باقي الأماكن أجمع. وأكثر الإخوة وهم واثقون في الرب بوثقي يجترئون أكثر على التكلم بالكلمة بلا خوف”.
تقدم الإنجيل: هي كلمة يونانية تعني مجموعة متقدمة للجيش تقوم بتقطيع خشب الأشجار في الغابات لتسهيل مرور الجيش، فبولس بخدمته يمهد الطريق لانتشار كلمة الله. أموري: أحوالي في فترة سجني، وهي حوالي سنتين، وما قبلها من غرق السفينة والمشاكل التي صادفها في رحلته، والآن يده مربوطة بيد حارس. آلت: كان الظن أن السجن سيكون عائقًا عن الكرازة ولكن حدث العكس. فالله قادر أن يُخرج من الجافي حلاوة. ولاحظ أن الخدمة هي خدمة الله، وبولس وبطرس وغيرهم أدوات في يد الله. بل أن الاستشهاد كان سببًا في نمو الكنيسة الأولى وثقي صارت ظاهرة: ظهرت براءتي من أي جريمة منسوبة إليَّ، وعلموا أن وثقه سببها محبته للمسيح الذي كان يبشر به وليس لذنب جناه، صاروا لا يرونه سجينًا عاديًا، ولم يخطئوا فهم قيوده، أي فهموا أنه ليس مجرمًا يستحق هذه القيود. دار الولاية: الكلمة تعني ثكنة العسكر، أو جنود الحرس الإمبراطوري أو البلاط الإمبراطوري، ومكانهم في مبنى ملحق بالقصر. وهنا يطمئن الرسول أهل فيلبي أن السلاسل لم تمنع الكرازة، بل هو نشر الكرازة عن طريق الجنود المربوطين معه بالسلاسل، إذ شرح لهم سبب سلاسله وهو محبته للمسيح، وبشرهم بالمسيح، أو هم سمعوا كلام بولس مع من يزورونه من أصدقائه فعرفوا المسيح، بل نشروا هذه الدعوة ليس في دار الولاية فقط بل في خارجها = في باقي الأماكن أجمع. بل أن أكثر الإخوة إذ رأوا شجاعة بولس تشجعوا وازدادت ثقتهم في الرب وكرزوا بلا خوف، واحتملوا الآلام في سبيل هذا. والمسيحية انتشرت في رومية عمومًا عن طريق مؤمنين عرفوا المسيح ثم جالوا يكرزون بالكلمة. الرسول هنا يرد على تساؤل وشَكْ قد يصيب أهل فيلبي أو غيرهم، وهو كيف أن هذا الرسول العظيم يسمح الله بسجنه مع أن تعاليمه صحيحة؟! والرد أن الله قادر أن يُحوِّل كل الأمور لتعمل معًا للخير. فلا ننظر إلى المشاكل على أنها معوقات، بل إذا سمح بها الرب فهي ستعود بالخير. فالرسول بولس أخطأ في ذهابه إلى أورشليم بعد إنذارات الروح القدس له أنه سَيُقَيَّدْ. ولكنه من فرط غيرته ومحبته أصر على الذهاب فسُجِنَ. غير أنه لم يضيع وقته في الندم على ما فات بل امتد بنظره إلى قدام وبدأ يكرز وهو في السجن ولم يندم على الأربع سنين التي ضاعت في الأسر (سنتين في فلسطين وسنتين في حبس دار الولاية في رومية). ولكن الله يحوِّل الأمور للخير. فما كان ممكنًا لبولس أن يصل إلى قصر قيصر سوى بهذه الوسيلة أي سجنه.
واثقون في الرب بوثقي: لقد رأوا أن وثقي لم تكن عائقًا يمنعني من الفرح أو الكرازة فتشجعوا فبالأولى يكرزون وهم أحرار بلا قيود. علينا ألا نخاف إذا هبت رياح معاكسة، ولا أن نحكم بحسب الظاهر أن العمل سيتوقف، ومجد الله لن يظهر.
المصدر: موقع الانبا تكلا