فيلبي 1: 21

  لان لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح

 

لي الحياة هي المسيح = هذه مثل "المسيح يحيا فيَّ" (غل20:2). ومن يحيا فيه المسيح يستخدم المسيح أعضاءه كآلات بر وهذه لا تحصل إلا بصلب الذات "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ"، فكلما جاهد الإنسان في إماتة ذاته وعاش لمن مات لأجله، ولم يعش متمتعًا بملذات العالم، يمتلئ بالأكثر من حياة المسيح ويتحقق له المزيد من الشركة مع الرب (2كو4: 10، 11). وهذا معنى قول السيد "من وَجَدَ حياته يضيعها. ومن أضاع حياته من أجلي يجدها" (مت 39:10). ولكن كثيرون بالنسبة لهم الحياة هي في الملذات الحسية والشهوات والمال... ومثل هؤلاء يرتعبون من الموت الذي يعتبرونه كمال الحزن، إذ أنه يفصلهم عن الملذات التي يفهمونها، ولا يرون في الموت سوى مظهره الخارجي مثل النتانة والقبور.

 

لي الحياة هي المسيح = الله خلق آدم ليحيا للأبد، وأخطأ ومات والله خلقه ليحيا للأبد، فهل يفشل قصد الله؟ قطعًا لا. وكان الحل في التجسد والصليب وموت المسيح وقيامته بحياة أبدية. وبالمعمودية نتحد بالمسيح فتموت حياتنا العتيقة وتكون لنا حياته الأبدية، على أن نستمر في حياة الإماتة. فحتى لو متنا بالجسد فنحن نظل أحياء بحياة المسيح الأبدية التي فينا. هذه شرحها بولس الرسول في (1كو15) فقال... نكون كبذرة دفنت في التراب، وبعد أشهر تخرج شجرة جميلة (هي الجسد الممجد). أما من يرتد لحياة الخطية رافضا حياة الإماتة فيكون هذا كسوسة تدخل في البذرة فلا تثمر.

 

والموت هو ربح = الموت هو كمال إماتة الذات. وبالتالي فالمزيد من الشركة مع المسيح يتحقق بموت الجسد. فالخطية هي التي تفصلني عن هذه الشركة التامة مع المسيح، وبعد الموت لا خطية. ولذلك صرخ بولس قائلًا "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت" (رو 24:7). ولذلك فهو يعتبر الموت هنا ربحًا. لأن في الأبدية تتحقق الراحة والفرح والمجد وشركة القديسين وكمال الشركة مع المسيح. ولكن يستحيل أن يشتهي الموت بفرح إلاّ من تذوق العربون، عربون الفرح والشركة مع المسيح هنا على الأرض.

 

ولاحظ أن الرسول يعلن وجهة نظره في الموت، فهو من المحتمل أن يتعرض للموت بعد سجنه هذا ومحاكمته. وهذه الآية أوردها الرسول بعد الآية السابقة ليشرح أنه يريد أن يتمجد الله فيه سواء بحياته أم مماته، والمسيح يتمجد فيَّ لو كان هو حياتي، أحيا به وأشهد له في حياتي حتى آخر لحظة ، حياته سكنت فيَّ وتستخدم أعضائي كآلات بر ولأعمالي أمجد الله، والموت هو ربح فهو راحة وفرح. وإذا كان موتي باستشهاد على اسم المسيح فهو أيضًا فيه تمجيد لاسم المسيح، فماذا أختار لو خيروني... الحياة أم الموت؟!

 

 

 المصدر: موقع الانبا تكلا