فيلبي 1: 29-30
لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضًا أن تتألموا لأجله. إذ لكم الجهاد عينه الذي رأيتموه في والان تسمعون فيَّ
لأنه = عائدة على ما قبلها. والمعنى أنه لا بُد وأن نواجه آلام ونحن في هذه الحياة (2تى12:3). ولكن المسيحية غيَّرت النظرة إلى الألم فهو لم يعد عقابًا، إنما شركة حب مع المسيح المتألم، ثم هي شركة مجد معه. وهي اختبار عزاء حقيقي من الله للمتألمين. فربما يندر أن نختبر يد الله في أيام صحتنا وفرحنا، لكن يمكننا إذا عشنا حياة الشكر وسط الألم أن نعاين الله ونختبر تعزيات وأفراح لا يختبرها الإنسان العادي غير المتألم، لذلك يقول الرسول وُهب لكم.. أن تتألموا = حينما تزداد المحبة يتمنى المحب أن يتألم بدلًا من حبيبه (كشعور أم ترى ابنها متألمًا). ولقد أعطى لنا أن نشعر بهذه المشاعر، أن نتألم لأجل المسيح = بالنيابة عنه. نرى المسيح وهو على الصليب، أو وهو مازال متألمًا للآن من أجل الخطاة والمستهترين ورافضي الإيمان والذين مازالوا مستعبدين للشيطان.. ونقول في حب، نريد أن نحمل عنك يا حبيب بعضًا مما تحمله من ألم. والله وهب لنا هذا.. أن نشترك مع ابنه في آلامه كشركة حب مع ابنه.
قصة تشرح المعنى :- ظلت العذراء أم النور تظهر لفترة لمجموعة فتيات وولد واحد في يوجوسلافيا في بداية ثمانينات القرن العشرين. وكانت تخبرهم عن محبة المسيح للعالم وكيف يتألم بسبب الخطايا التي تسبب آلام وهلاك البشر، وعن حزنه للدماء التي تسفك في الحروب. وكان هذا في وقت تعاني فيه يوجوسلافيا من فترة حروب دموية. فقالت لها واحدة من الفتيات - أريد أن أتألم مع يسوع ... فقالت لها العذراء سيكون لكي هذا ولمدة سنة وبعدها أسألك إن كنتي تريدين أن يستمر الألم أو أحمله عنك. وأصاب البنت ذات الـ17 عاما صداع عنيف نشأ عن تكون كيس مائي في المخ يستحيل الاقتراب منه جراحيا. وإكتفت بالمسكنات. وقال لها أهلها أطلبي من العذراء الشفاء فابتسمت وصمتت فهي عرفت أن هذا كان تنفيذا لطلبها. وفي نهاية السنة سألتها العذراء - هل أزيل المرض منك - ورفضت هذه البنت الصغيرة إذ تذوقت معنى شركة الحب والألم.
والله في محبته يعطي لشركاء الألم أن يكونوا شركاء مجد (رو17:8). وذلك في السماء، أماّ هنا على الأرض فيعطيهم تعزيات عجيبة كما أعطى للثلاثة الفتية. صار احتمال الألم بفرح وشكر خير وسيلة لإعلان محبتنا للرب. وصارت التعزيات التي يعطيها الله وسط الألم هي عربون المجد العتيد أن يُستعلن فينا. وبولس اختبر هذا الألم وهذه التعزيات، فهو قد سُجن عندهم في فيلبي ورأوه في وسط آلامه فَرِحًا متعزيًا، ورأوه مجاهدًا ضد الشيطان وتابعيه غير خائف منهم = إذ لكم الجهاد عينه الذي رأيتموه فيّ. والآن تسمعون فيّ = فهو الآن مسجون في روما. فبولس هنا يقدم نفسه نموذجًا لما قاله عن الآلام التي يقابلها أولاد الله. عمومًا فالعالم يكره المسيح ومن يتبع المسيح، وهذا ليس جديدًا، أو يدعو للاندهاش. وأهل فيلبي غالبًا تحملوا نوعًا من الاضطهاد والرسول يشجعهم على الاحتمال.
وهب لكم.. لا أن تؤمنوا فقط. فالإيمان بالمسيح هو هبة ونعمة من الله مجانية. فالإيمان هو الطريق الوحيد لغفران الخطية، وللحياة الأبدية (يو8:16، 9 +يو25:11، 26).
بل أيضًا أن تتألموا لأجله. فالآلام هي لكي نكف عن الخطايا (1بط1:4) وحينما يهلك الجسد تخلص الروح في يوم الرب (1كو5:5) وحينما يفنى إنساننا الخارج يتجدد الداخل يومًا فيومًا (2كو16:4) . والمسيح الذي هو الطريق (يو6:14). والذي سبقنا للسماء ليعد لنا مكانًا يعرف كيف يصل بنا للسماء، إن ثبتنا فيه. وهو يعرف أننا ورثنا الخطية والتمرد من آدم "بالخطية ولدتني أمي" + "الخطية الساكنة فيَّ" (رو20:7) فالصليب صار وسيلة للتجديد. فكيف لا نعتبر الألم هبة من الله. والألم هو طريقنا للسماء. وبنفس الفكر يقول القديس يعقوب "احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع2:1). وبنفس الفكر يقول داود النبي في المزمور"جرِّبني يا رب وامتحني. صف كليتي وقلبي" (مز2:26). وفي ترجمة أخرى "أبلني يا رب واختبرني، نقي قلبي وكليتيَّ".
لماذا اعتبر الرسول الألم هبة؟
- هو شركة حب مع الحبيب المتألم لا يفهمها إلا من يحب محبة حقيقية.
- شركاء الألم شركاء المجد (رو8 : 17).
- الله يسمح بالألم لترويض الجسد فيكف عن الخطية فيكمل الإنسان، فالألم طريق الكمال
- وفي أثناء الألم نختبر تعزيات الله الأب المحب الذي لا يريد هلاكنا فيسمح بالألم ولكنه كالطبيب المعالج يعطي المسكنات ليجري جراحة ينقذ بها حياة المريض
المصدر: موقع الانبا تكلا