الكنز الحقيقي
«ايضا يشبه ملكوت السماوات كنزا مخفى في حقل وجده انسان فاخفاه. ومن فرحه مضى وباع كل ما كان له واشترى ذلك الحقل. ايضا يشبه ملكوت السماوات انسانا تاجرا يطلب لالئ حسنة فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى وباع كل ما كان له واشتراها. ايضا يشبه ملكوت السماوات شبكة مطروحة في البحر وجامعة من كل نوع. فلما امتلات اصعدوها على الشاطئ وجلسوا وجمعوا الجياد الى اوعية واما الاردياء فطرحوها خارجا. هكذا يكون في انقضاء العالم: يخرج الملائكة ويفرزون الاشرار من بين الابرار ويطرحونهم في اتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الاسنان». متى 13: 44-50
ما هو هذا الحقل إلا الكتاب المقدّس بعهديه الذي يحوي في داخله سرّ المسيح ككنز مُخفى لا يتمتّع به غير المثابرين بالحفر المستمر في الكتاب؟ لهذا يليق بالمؤمن أن يبيع كل شيء ليقتني هذا الحقل الحاوي للكنز، لينعم بالكنز ويخفيه في قلبه كما تَخفي الكنيسة مسيحها وسط البشريّة. حقًا لا يستطيع أحد أن يحمل الكتاب المقدّس في قلبه ويتفاعل معه لما لم يبع من قلبه كل شيء ليتفرّغ لكلمة الله بهدف الالتقاء مع الكلمة الإلهي المتجسّد! فما كان يمكن ليوسف أن يتسلّم مخازن مصر ما لم يترك ثوبه في يديّ سيّدته المصريّة ويهرب عاريًا، وهكذا لا يمكن ليوسفنا الداخلي أن يتفهّم كلمة الله، وينعم بمخازن المعرفة الروحيّة، ما لم يترك ثوبه في يديّ العالم، وينطلق عاريًا متقبلًا السجن من أجل المسيح، ويرتفع إلى حيث الغِنى الحقيقي، لا ليَشبع بمفرده من خيرات المعرفة، وإنما يفتح يديه ليهبنا بغنى معرفة المسيح الفائقة.