المحبة والحكمة
"أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هي من عند اللَّه، لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم"
يهب الحب للإنسان بساطة، فيصدق كل شيء. لكن ينبغي أن يكون ملازمًا له روح التمييز أو الحكمة، حتى لا ينخدع الإنسان بالمعلمين الكذبة، الذين يأتون تحت اسم "المسيح" ويتسترون بكلمة "المحبة" ليخفوا اسمهم في بريق كلمات جذابة وفلسفة باطلة، مدعين أنهم مرشدين بالروح القدس.
ولقد حذرنا ربنا من هؤلاء قائلًا: "انظروا لا يضلكم أحد فإن كثيرين سيأتون باسمي... ويضلون كثيرين" (مت 14: 4-5).
ويحذرنا سليمان الحكيم ألا نشرب من ماءٍ غريبٍ، مهما بدا عذبًا وحلوًا وظهر مقدسًا (أم 9: 18)، وقد أشار ربنا عن الروح القدس بالماء (يو 7: 37). إذن، لنحذر ممن يدعون أنهم مرشدون بالروح وهم غرباء عن الكنيسة.
لقد خاف الرسول على الكنيسة من أمثال هؤلاء قائلًا: "فإني أغار عليكم غيرة اللَّه، لأني خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح. ولكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح. فإنه إن كان الآتي يكرز بيسوع آخر لم نكرز به، أو كنتم تأخذون روحا آخر لم تأخذوه أو إنجيلًا آخر لم تقبلوه..." (2 كو 11: 2-4). إنه يخشى خلال بساطتها تتقبل مسيحًا آخر أو روحًا آخر أو إنجيلًا آخر، وهو ليس آخر ولكن يعلنونه بفهمهم الخاص وأهوائهم (غل 1: 6-9). والخطير فيهم أنهم "يغيرون شكلهم كخدام للبرّ" (2 كو 11: 15).
يقول الأب موسى: [يلزمنا أولًا أن نختبر بكل حرص كل فكر يدخل إلى قلوبنا، وكل تعليم نقبله، لنرى إذا كان قد تنقى بنار الروح القدس الإلهي السماوي، أو ينتمي إلى خزعبلات اليهود، أو هو ثمرة كبرياء الفلسفة البشرية التي ليس لها إلاَ سطحيات التدين. فينخدع البعض بهذا النوع، إذ يغويهم حسن التنسيق وتجذبهم التعاليم الفلسفية التي تخدع لأول وهلة بما فيها من بعض المعاني الورعة التي تتفق مع الدين... ومن جهة أخرى يلزمنا أن نحرص لئلا يُوضع أمامنا تفسيرًا خاطئًا للذهب النقي الذي هو الكتاب المقدس فنُخدع.]